هاي، آسفة أني كنت مختفية مؤخرا فكنت أمر بأشياء كثيرة. ففي الحقيقة فكرت كثيرا إن كان يجب عليّ أن أكتب هذا المقال اليوم. ولكن بعد التفكير قررت أن أخبركم بقصتي لأن الحديث عنها قد يكون معزي لي والأهم أني لا أريد أن يرتبط الخجل بكلمة الإجهاض.
أنهيت قصتي السابقة بأني أخبرتكم بأوامر الدكتور أن ألزم مكاني وأمتنع عن الحركة لأني بدأت أنزف بضع القطرات مما جعلني أنا وفيصل نلغي رحلتنا. وبعد أسبوع حدث ما كنت أخشاه عندما فقدت البيبي. لم يتوقف النزيف بل زاد فأسرعت للدكتور وبعد الكشف أخبرني أنه حدث إجهاض للجنين.
يجب أن أعترف أنها كانت صدمة بالنسبة لي على الرغم أني لم أكن سعيدة بالحمل من البداية. رأيت في عيناي فيصل نظرة الخذل بالرغم من أنه كان يحاول أن يكون سند كبير لي، ولكني استطعت أن أرى ألمه. أما بالنسبة لي، لا أظن أني شعرت بمثل هذا الإحساس من قبل، فمن ناحية كنت حزينة ومن الناحية الآخرى، كيف يمكنني الشعور بالحزن تجاه شيء لم أملكه حقا؟
حذرني الدكتور أني قد أشعر بهذه المشاعر وقال أن عندما تمر النساء بالإجهاض تمر عليهن مراحل حزن وحقيقة أنا لا أفهم كيف كنت أشعر حقيقة. كان لدي شعور بأني فاشلة وأني خذلت فيصل، على الرغم أني سأكون كاذبة إن قلت أني لم أشعر بالارتياح قليلا، فلم أشعر حقا أني كنت مستعدة لطفل في حياتي. كنت أحاول أن أتحمس وأتقبل حقيقة حياتي الجديدة وكيف ستكون ولكني لا أعرف إن كنت مستعدة حقا لها.
بالطبع لا يمكنني أن أصارح فيصل بكل هذا، فعلاقتنا بالكاد بدأت تتحسن مما كنا عليه ولم أريد أن أجرحه أكثر. أراد فيصل مني أن أخبر أمي ولكني لم أكن أريد التعامل مع إحساس أني خذلتها هي أيضا.
العيد كان بعد بضعة أيام قليلة من الإجهاض وسألت الدكتور إن كان بإمكاني السفر ووافق، فلم تعد رحلة السفر بالسيارة تشكل خطورة عليّ ولكنه حذرني من استمرار النزيف. قال لي أن أبتعد عن نزول حمام السباحة خوفا من انتقال أية عدوى ولكن الذهاب للشاطئ لم يكن به مشكلة. لذلك أخبرت فيصل أنه علينا السفر خلال الأجازة، نحن الاثنين فقط لنبتعد عن كل شيء حدث ونقضي بعض الوقت سويا كتغيير.
وللأسف أملي في قضاء الوقت مع زوجي تحطم حين اكتشفت أن كل أصدقائنا وعائلتنا كانوا في الساحل الشمالي أيضا وقاموا بدعوتنا إلى عدة تجمعات ملتزمة بالتباعد الاجتماعي.
فيصل: هل أنت متأكدة أنك تريدين الذهاب لهذه التجمعات؟ إن لم تريدي الذهاب يمكننا قضاء الوقت سويا، ا،ا وأنت فقط.
أنا: لا لا، دعنا نذهب فالتواجد وسط ناس وتشتيت انتباهي من كل ما حدث قد يكون جيد لي.
قررنا الذهاب لشاليه والداي للغداء وكانت أسوأ فكرة على الإطلاق. لم أشعر برغبة في أي تواصل اجتماعي واعتقد أن بإمكاني إخفائها برسم ابتسامة على وجهي ولكني كنت أشعر بتقلصات شديدة وظللت اليوم بأكمله مترددة على الحمام لأغير الفوطة الصحية بسبب شدة النزيف.
أمي: لوسي هل أنتي بخير؟ تبدين شاحبة.
أنا: نعم نعم أنا بخير. كل ما في الأمر هو أني لم أكل جيدا في الأيام الأخيرة.
أمي: أقول لك دائما أنك يجب عليك تناول فيتاميناتك والأكل جيدا يا لوسي، خاصة أثناء انتشار فيروس كورونا. لا يجب أن تهملي صحتك.
أنا: أعرف أعرف، سأفعل هذا...
أمي: لحظة! هل من الممكن أن تكوني حامل؟ هل هذا هو السبب في ذهابك للحمام كثيرا؟
أنا: ماذا؟ لا يا أمي!
أمي: هل أنتي متأكدة؟ فمن الممكن أن تكوني حامل يا لوسي. صراحة حان الوقت أن تحملي، فقد بدأت أقلق من وجود مشكلة ما في الحمل.
أنا: ماما توقفي عما تقولينه.
أمي: أنت لا تتكلمي مع أبدا عن خططك في الإنجاب يا لوسي، إن كنت تفكرين في الإنجاب من الأساس ولماذا تنتظرين كل هذا الوقت. الأطفال نعمة ولا أريدك أن تضيعي وقتك بعدم الاستمتاع بهذه النعمة.
لا أعرف ماذا حدث ولكني انفجرت بالبكاء في الحال أمام أمي. لم أستطع السيطرة على كل هذه المشاعر التي غلبتني وأخبرتها بكل شيء.
أمي: لوسي، فقد الحمل الأول هو أمر شائع جدا، حتى أنا مررت به. هل كنت تعرفي هذا؟
أنا: ماذا؟
أمي: نعم، كان سيكون لك أخ أو أخت أكبر منك ولكني أجهضت وسط الليل وفقدت الطفل، ولكن بعدها أنت أتيت.
أنا: لم أكن أعرف هذا...
أمي: هذا شيء لا أحب التحدث عنه ولكن المهم أن تعرفي أنه أمر يمكن حدوثه ولكنه لا يجب أن يمنعك عن المحاولة مرة ثانية وإنشاء عائلة.
أنا: أنا لا أفكر حتى في هذا الأمر يا ماما. أنا فقط أنتظر أن يتوقف النزيف فقد أخبرني الدكتور أنه لا يجب أن أحاول الحمل حتى أستعيد صحتي بالكامل.
أمي: حسنا يا لوسي، لنذهب للدكتور بعد عودتنا للقاهرة والتأكد أن كل شيء بخير.
أنا: ولكن ماذا إن لم تكن بخير؟ ماذا يحدث إن كنت أعاني من مشاكل خصوبة أو الأسوء، أني لا يمكنني الإنجاب؟
أمي: إن شاء الله لن تكون هناك أية مشاكل يا لوسي. ولكن حتى إن كان هناك مشكلة سنعرف ما هي وما هي الحلول، فالآن هناك علاج لكل شيء. ولكن تحلي بفكر إيجابي ولا تحملي هم المشاكل التي لم تحدث.
أعرف أن أمي على حق، ولكني لم استطع سوى التفكير... فكثيرا نسمع عن قصص الأزواج الذين يحاولوا الإنجاب لسنوات ثم يكتشفوا أن هناك مشكلة ويبدأوا اللجوء لحلول مثل الحقن المجهري أو وسائل أخرى. كما قلت، هذا هو السبب في أني أكتب عن هذا الأمر، لأني أرفض الشعور بالخجل من هذه المشكلات والتحدث عنها، وسأشارككم رحلتي هذه.
في الأسبوع القادم سأخبركم بما حدث بعد ذلك. انتظروا قصتي التالية يوم السبت في الساعة 11 صباحا (بتوقيت القاهرة).
اضغطي هنا إن أردتي قراءة أول قصة كتبتها لوسي على الإطلاق لتتابعي مشوارها منذ البداية>>