منذ أن كتبت إليكم الأسبوع الماضي ولم تتغير الأحوال كثيرا، أو ربما تغيرت قليلا للأفضل. ستحكمون بنفسكم على هذا الأمر، ولكن ليس قبل أن تعلموا أن كل شخص من حولي أصبح يحاول التدخل فى شئوني الخاصة بطريقة أو بأخرى. استيقظت من النوم اليوم وأنا أشعر بحالة أفضل قليلا. اعتقد أني بكيت وأخرجت غضبي وعصبيتي بما يكفي فى الأيام الماضية. الغريب فى هذا الأمر أنى لم أسمع شيئا عن بيلي منذ أخر مرة تحدثنا فيها معا. لا رسائل ولا مكالمات. اعتقدت أن سيحاول الإتصال بي أو على الأقل يحاول أن يبقيني بجانبه ولكنه لم يفعل.
مررت على محل الأيس كريم قبل الذهاب إلى العمل، وعندما وصلت حاولت تركيز اهتمامي على مشاغل الحياة الأخرى، فالعلاقات العاطفية ليست كل ما في حياة المرأة... أليس كذلك؟ كنت متحمسة للعمل اليوم، فلدينا الكثير من الإجتماعات وبالتأكيد سأنشغل بها عن أى شئ آخر. ارتديت ملابس أنيقة وتناولت إفطارا لذيذا أعدته أمي لي ثم ذهبت للعمل.
كانت ناتالي أول شخص أراه بمجرد وصولى للعمل. لا لا ... لا شئ سيعكر يومي اليوم، ولا حتى رؤية هذه ******! كانت تتحدث فى الهاتف وتضحك بصوت عال. هل يمكن أن يكون الشخص التى تتحدث إليه هو بيلي؟ ربما قد اتخذ قراره النهائي ولم يستطيع أن يواجهني ويخبرني إياه.
يوسف: صباح الخير يا قمر! ( يحاول لفت نظري عن ناتالي)
أنا: صباح الخير يا حبي! هل نبدأ الإجتماع؟
يوسف: نعم سأكون فى غرفة الإجتماع خلال دقيقة.
مر اليوم سريعا وعلى أن أعترف بأن السبب في ذلك يعود لعمرو ويوسف، فقد حاول كلا منهم أن يجعلوا المناقشة مليئة بالمرح والفكاهة ليجعلوني سعيدة وفى نهاية اليوم قرروا دون أن يعطوني فرصة للموافقة أو الرفض أن نذهب جميعنا للعشاء سويا. هذه هي المرة الثانية التى أخرج فيها مع عمرو وهذا شئ ممتع.
بمجرد أن وصلنا إلى المطعم، حيث كنا الوحيدين فيه تقريبا، بدأ يوسف بتقليد زملائنا فى العمل بشكل ساخر. خمنوا من أول شخص قام يوسف بتقليده؟ بالطبع سحر!
يوسف: هاي أنا سحر وأنا مثيرة جدا لأكون فى هذا المكان! مع إن عندي فى دولابي حاجات كثير بس مش بحب ألبس غير الفساتين الضيقة جدا، وبحب اعمل مصالح على الناس على قد ما أقدر!
أنا: هاهاهاهاها .. مكنتش هقدر أقلدها أحسن منك!
عمرو: أوك، قلدني! أريد أن اعرف كيف تراني...
أنا: يااااي.. أنا متحمسة جدا اعرف هتقول إيه يا يوسف.
يوسف: هاي أنا عمرو، أنا عادة بتعامل كويس مع الناس لما بكون فطران، غلس لما بيكون شعري بايظ والبنات بتموت فيا.
عمرو: بس البنات مش بتموت فيا!! هاهاهاها
أنا: أيوه يوسف صح ..أنت بتحاول تضحك على مين؟
عمرو: إنت شايفة كدة؟ يعني أعتبرك من ضمن المعجبات بتوعي؟
يوسف: نسيت أقول أنك يتتعصب بسرعة.
أنا: هاي أنا يوسف، أنا عندي سرعة بديهة وساخر جدا، صح؟
يوسف: أنت تعرفيني كويس يا حبي.
عدت للمنزل متأخرة قليلا وتغمرني ابتسامة بسبب الحوار المضحك الذي دار بيننا، ولكن مكالمة دينا على الهاتف أعادتني للواقع.
دينا: هاي لوسي .. كيف حالك اليوم؟
أنا: جيدة وأنتِ؟
دينا: تمام تمام. كيف تشعرين الآن.
أنا: بصراحة أفضل... دعينا من الحديث عن هذا الأمر من فضلك.
دينا: أوك ولكن ألم يقم بيلي بالتحدث معك حتى الآن؟
أنا: لا
دينا: كان معي على الهاتف منذ قليل وقال لي أنه سيتصل بك بمجرد أن تعودي للمنزل.
أنا: انتظري لحظة! هناك سؤالين، عم ماذا كنتم تتحدثون؟ وكيف علم أننى لم أكن بالمنزل؟
دينا: صراحة لم يقل أى شئ مفهوم.. ظلّ يسترسل فى الحديث ويقول أنه مازال متحيرا بشأن علاقتكما، وعندما سألته نفس سؤالك وقال لي أن ناتالي أخبرته بأنك غادرت المكتب مع عمرو.
أنا: تبا، ولم تقل له أن يوسف كان معنا؟ دينا، علينا أن نقوم بضرب هذه الفتاة حقا، إنها شيطانة، وفكرة أن بيلي يتحدث معها دون أن يكلف نفسه بالإتصال بي حتى الآن تقول الكثير. فليذهبوا إلى الحجيم هما الأثنين!
لم استطيع النوم بسهولة فى هذه الليلة، حيث كانت تراودني أفكار كثيرة، وكان جزء صغير منى يتمني لو يقوم بيلي بالإتصال بي حقا كما قالت دينا، ولكن لم يحدث أي شئ. الرسالة الوحيدة التى تلقيتها على هاتفي كانت من عمرو يقول "استمتعت كثيرا اليوم، سنفعل ذلك غدا أيضا"!
جاء الغد وعندما وصلت للعمل وجدت على المكتب شنطة كبيرة مليئة بحلوى الجيلي بينز ومرفق بها ورقة مكتوب عليها "لدينا اجتماعات كثيرة مع العملاء طوال اليوم، تركنا لك هذه الحلوى لتستمعتي بيومك. سنذهب للعشاء سويا الليلة أيضا... عمرو ويوسف".
لم أستطيع منع نفس من الضحك وكنت سعيدة جدا. هؤلاء الشباب رائعون للغاية !
حاولت بذل أكبر مجهود ممكن فى العمل لأتخلص من أى طاقة سلبية أشعر بها، وبينما أوشكت على الإنتهاء، جائتني رسالة من دينا تقول لي "هل اتصل بك أمس؟"
انا: لا لم يفعل. لا أريده أن يتصل بي. أعلم يا دينا أنك مهتمة لأمرى ولكن من فضلك توقفى عن سؤالي عنه : )
دينا: بالتأكيد... كما تشائين.
اتمني أن تكون فهمت قصدي. أنا أحاول بكل الطرق أن أخرج بيلي من تفكيري فى الوقت الذي كل شئ من حولي يقوم بتذكيري به. كانت ناتالي تتحدث فى الهاتف بصوت عال أمام مكتبي. حاولت تجاهلها ولكننى سمعتها صدفة تقول "عليك أن تتخذ قرارك قريبا.. أنت تعلم ذلك!"
هل كان هو من تتحدث معه على الهاتف؟؟؟؟؟ أحقا هو؟؟؟ يا إلهي لا استطيع تحمل هذا الأمر أكثر من ذلك. كم أنا شخصية ضعيفة حقا!! ولكن انتهي الأمر الآن... لقد اتخذت قراري النهائي والأخير.
كان العشاء مع عمرو ويوسف ممتعا كالعادة. ضحكنا كثيرا وكان الطعام لذيذا وخلال جلستنا قمنا بوضع خطة لرحلة العمل المقبلة. الحياة ممتعة! ترون كيف أن قضاء أوقات ممتعة لا يعني الجلوس مع بيلي فقط... أنا أفضل حالا بدونه على أية حال.
قرر عمرو ويوسف توصيلي إلى منزلي حيث كان الوقت متأخرا قليلا وفى الطريق ظللنا نغني بصوت عال.
يوسف: أنا بحب ميكا جدا!!! Blame it on the girls with the pretty face...
أنا: أنت بتغني الأغنية كلها غلط، غنيها صح ممكن؟
يوسف: على الأقل صوتي جميل، مش زي عمرو، من فضلك كفاية كدة، مش قدرين نستحمل، إحنا مش عارفين نقولك علشان خايفيين ترفدنا هاهاهاها.
عمرو: هو أنت عايز تكون من المعجبات زي لوسي؟
أنا: هاهاهاها، أيوة صح!
وصلت المنزل وأنا مازلت أدندن ما كنا نغنيه فى السيارة وذهبت إلى غرفتي وأنا أتمايل وأرقص. لقد انستني هذه النزهة أمر موبايلى تماما. لم أفتحه منذ ساعتين أو أكثر. ولكنى عندما فتحته وجدت جميع الرسائل والمكالمات من دينا وحبيبة ولا شئ من بيلي... لا أصدق كيف يستهين بعلاقتنا هكذا وكأنها لا تعني له شيئا. وهنا قررت أن انهي هذا الموضوع بنفسي وأرسلت إليه هذه الرسالة: "لم تحدثني منذ أكثر من أسبوع ولم ترسل إلىّ رسالة واحدة. اعلم أنك لم تجرؤ على فعل نفس الشئ مع ناتالي، أليس كذلك؟ لذا فإن هذه الرسالة هي كل ما تستحقه! لقد أعطتيك فرصة لإصلاح الأمر، لكنك أثبت أنك لا تستحقها. أنا مصدومة فيك ليس كالشخص الذي ارتبطت به فقط، لكن كأعز أصدقائي. انتهى الأمر، لا أريد إكمال هذه العلاقة. أنت حر بعد الآن!"
مرت دقائق قليلة ثم رن الوبايل، إنه بيلي!!! ظللت أحدق فى شاشة الموبايل لثوان ثم قررت إلغاء مكالمته... هل تذكّر الآن أن يكلمنى؟؟ هذه المكالمة متأخرة جداً، متأخرة جدا يا بيلي...