منذ اللحظة التي انتشرت فيها حمامات الثلج وأصبح من الرائج بشدة أن يغمر الناس أنفسهم فيها، وكان لدي فضول شديد لمعرفة كواليس هذه التجربة، أعلم أن الناس بدأوا في استخدام الجليد وقوته المذهلة في كثير من الأمور المتعلقة بالصحة منذ ٣٥٠٠ قبل الميلاد، ومع الوقت بدأ الأطباء يتوصلوا للعديد من الفوائد الناتجة عن الغمر في الثلج، ولكنها بدأت تلقى رواجًا شديدًا وتدريجيًا منذ عام 2019. ولكن رغم ذلك كان لدي عدة أسئلة، مثل؛ كيف يكون شعور الشخص حينما يغمر في الثلج، وهل يكون مثلما تأخذ دش ماء بارد في عز الشتاء، كنت أتسائل أيضًا عن فوائد حمامات الثلج، لماذا قد نفعل ذلك بأنفسنا وما الذي سيعود علينا منها، على أي حال لم أحظى بالجرأة لتجربتها حتى اليوم، ولكن لحسن حظي قررت واحدة من صديقاتي المقربات خوض التجربة وسرد تفاصيلها لي، وهذا ما وجدته...
"إنه أشبه بالدش الساقع في أيام الشتاء القارسة بعدما تكون قضيت عدة ساعات في غرفة دافئة، بل أشد قسوة بالطبع"
أولًا: من هم الأشخاص الممنوعين من حمامات الثلج
تقول صديقتي أنها قبل خوض التجربة مع أحد المتخصصين قام بسؤالها عن بعض الأسئلة المتعلقة بصحتها وتاريخها المرضي، ليتأكد بأن حمام الثلج لن يشكل أي خطورة على صحتها. كان من بين هذه الأسئلة عما إذا كانت تعاني من ارتفاع ضغط الدم، السكر، وغيرها من الأمراض وهو الأمر الذي دفعها بدورها لمراجعة طبيبها الخاص، لعلها تعاني من شيء يمنعها بالفعل من خوض هذه التجربة التي كانت متشوقة لها. لنكتشف أنه هناك بالفعل بعض الأشخاص الذين تشكل حمامات الثلج خطورة حقيقية على صحتهم وهم...
- مرضي السكري.
- مرضى ارتفاع ضغط الدم.
- مرضى القلب.
- مرضى ضعف الدورة الدموية.
- مرضى الاعتلال العصبي.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- مرضى متلازمة رينود.
لذا يفضل دومًا مراجعة الأمر مع طبيبك الخاص أولًا والتأكد من أن تجربة حمامات الثلج لن تشكل خطرًا على صحتك.
ثانيًا: قواعد غمر الجسم في حمام الثلج
كان هذا الجزء من الأشياء التي بحثنا عنها جيدًا قبل أن تتخذ قرارها بتجربة حمامات الثلج، وهذا بالفعل ما وجدته عندما ذهبت، فالأمر لا يسير بشكل عشوائي ولكنه يتم وفق قواعد محددة وهي...
١- ليس شرطًا أن تكون تجربتك الأولى في درجة حرارة منخفضة للغاية، بل يؤكد أغلب متخصصي حمامات الثلج أنه من الممكن البدء من درجة حرارة ٢٠ ثم التوجه لدرجات حرارة أقل فيما بعد.
٢- البقاء في حمام الثلج لا يعتمد على وقت محدد ففي البداية يمكن ألا تبقى سوى ٣٠ ثانية ثم تزداد تدريجيًا لتكون من بين ٢ – ١٠ دقائق. لم تستطع صديقتي البقاء سوى ٣ دقائق فقط، وهذا أمر مقبول.
٣- اتباع تقنيات التنفس السليمة لأنها هي التي تلعب دور محوري في مدة بقاءك في حمام الثلج.
ثالثًا: أشياء لابد من تجنبها مع حمامات الثلج
هناك عدة محاذير أخبرها بها المتخصص قبل البداية حتى يتم وضعها دائمًا بعين الاعتبار...
١- تحمية الجسم بتمارين سريعة بعد الانتهاء من حمام الثلج. بل يفضل دومًا القيام بحركات بسيطة وخفيفة، مثل التمشية، تمارين التمدد وغيرها.
٢- تغيير درجات حرارة الحوض سريعًا وبفرق كبير. من غير الآمن أن يقوم الشخص بتغيير جذري في درجة الحرارة الحوض بل يفضل أن يتم خفض درجة الحرارة تدريجيًا وشيئًا فشيء.
٣- البقاء في درجة حرارة مريحة للغاية، فهذا ليس هو الهدف، أو الاستمرار في درجة حرارة مؤلمة.
رابعًا: ما الذي عليك القيام به فور الخروج من حمام الثلج؟
أخبرتني صديقتي أنه لم تكن هناك استعدادات كثيرة قبل النزول في حمام الثلج ولكن بعده كان هناك بعض الأشياء التي يجب أن تقوم بها وهي:
١- الخروج تدريجيًا من حمام الثلج حتى وإن كان الجسم يرتجف.
٢- تجفيف جسمها تمامًا بعد الخروج وارتداء الملابس المناسبة ليبدأ الجسم في استعادة درجة حرارته الطبيعية.
٣- القيام ببعض تمارين التحمية الخفيفة للغاية.
٤- تناول سناك صحي خفيف بعد الخروج، لأن التجربة تكون مجهدة بعض الشيء خصوصًا في المرات الأولى.
خامسًا: ما هي فوائد حمام الثلج؟
حمامات الثلج لها العديد من الفوائد التي اتفق عليها أغلب المتخصصين وإن كانت نتائجها في بعض الأحيان لا تظهر إلا بعد فترة طويلة، ومن بين هذه الفوائد:
١- تعزيز عملية التمثيل الغذائي
يؤدي التعرض للبرد إلى تنشيط الأنسجة الدهنية البنية، مما يؤدي إلى توليد الطاقة التي تتحول بعد ذلك إلى الدفء، وهي عملية تعرف باسم التوليد الحراري. على الرغم من أن هناك ما يبرر إجراء المزيد من الأبحاث، إلا أن أحد المنتجات الثانوية لهذه العملية قد يكون تعزيز عملية التمثيل الغذائي، لأن الجسم يعمل وقتًا إضافيًا لتنظيم درجة حرارته.
٢- التخفيف من آلام العضلات
التعرض للبرد يعمل على تضييق الأوعية الدموية ويقلل من تدفق الدم، وهذا يساعد على تقليل الالتهاب في الجسم. وأثبتت عدة أبحاث عن حمام الثلج يعمل في بعض الحالات على منع الإصابات ويساعد الرياضيين على التعافي عندما يتم إجراؤه بعد فترة قصيرة من ممارسة التمارين الرياضية.
٣- مهدئ للبشرة
الماء البارد بدوره يعمل على تضييق الشرايين والأوردة الصغيرة داخل الجلد، مما قد يساعد على تهدئة الجلد الملتهب والحكة. مثلما نفعل عندما تحاول التهدئة من مكان متورم أو حتى تخفيف انتفاخ العين.
٤- تحسين النوم
على مدار السنين أثبتت التجارب أن العلاج بالتبريد (العلاج البارد) له تأثير إيجابي على النوم وإيقاع الساعة البيولوجية. وتعتبر حمامات الثلج أحد أشكال العلاج بالتبريد، وبالتالي يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على النوم.
٥- التخفيف من التوتر
في دراسة تم نشرها عام 2023، أثبتت أن المشاركين في حمامات الثلج شعروا بمزيد من النشاط واليقظة والانتباه وكانوا أقل حزنًا وعصبية بعد غمر أنفسهم في ماء بارد عند درجة حرارة ٢٠ لمدة خمس دقائق. كما وجد أن التحفيز البارد ينشط العصب المبهم، مما يساعد على تنظيم الجهاز العصبي في أوقات التوتر. لذا يؤكد المتخصصون أن أخذ حمامات ثلجية متسقة يمكن أن يحسن استجابتك للتوتر مع مرور الوقت.
أخيرًا، ما هي أضرار حمامات الثلج؟
بطبيعة الحال لكل شيء مميزات وعيوب وهو الحال نفسه بالنسبة لحمامات الثلج، ومن أبرز عيوبها أو أثارها الجانبية:
١- فشل في الجهاز التنفسي والقلب
إذا تمت حمامات الثلج بدون وعي وانتباه لكل تفصيلة أو تمت على يد شخص غير متخصص فمن الممكن أن يحدث الآتي، وهو انخفاض درجة حرارة الجسم أكثر من المستوى الطبيعي والتي تظهر فيها علامات الارتباك، مشاكل اليقظة وغيرها وتكون المرحلة الأشد قسوة منها هي الفشل في الجهاز التنفسي والقلب.
٢- التأثير على نمو العضلات
في دراسة تم نشرها عام 2015، أكد الباحثين أن الأشخاص الذين خضعوا للتعافي عن طريق حمامات الثلج تأثر نمو عضلاتهم بشكل سلبي واضح على عكس أولئك الذين تعافوا في وقت أطول بدون حمامات الثلج.
٣- زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية
أحيانًا يتسبب تعرض الجسم للبرودة الشديدة إلى ما يسمى بالصدمة البادرة، والتي ينتج عنها ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والتنفس، مما قد يسبب ضغطًا على القلب، خاصة إذا كنت معرضًا بالفعل لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
والآن، بعدما عرفتي كل شيء يخص حمامات الثلج هل أنت على استعداد لتجربتها؟