ابنتي المراهقة تشاهد مواقع إباحية... شكوى مكررة ربما تجدها كثيرًا على جروبات النساء على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في بعض الأحاديث الجانبية، وغالبًا ما تقال دومًا بنبرة من الحسرة والصدمة والخجل. باعتبار الأمر يدل على فشل الأم في تربية ابنتها، وهو أمر يجب أن تخفيه تمامًا. لذا كان من الجيد أن نجد عمل درامي يسلط الضوء على هذه المشكلة، ويطرحها أمام الملايين المشاهدين، حتى يجعل كل منا يواجه نفسه بالحقيقة ويعترف بوجود هذه المشكلة التي تواجه الكثير من الآباء. كان هذا ما نجح فيه مسلسل "ولاد ناس"، الذي يعرض في الموسم الرمضاني الحالي، في الحلقة الأولى من خلال مشهد قصير لم يتعدى الـ ٣ دقائق. يظهر فيه أب وهو يروي لصديقه أن ابنته ذات الـ ١٣ عام، تشاهد مواقع سيئة، ليكون رد فعله هو الضرب والحرمان من الهاتف والشجار مع الأم وترك المنزل.
قائمة مسلسلات رمضان 2021: أبرز ٢٠ مسلسل ومواعيد وقنوات عرضهم
في الحقيقة لم يكن تصرف الأب السابق، صادمًا. فهذا كان متوقع، ولكن كانت الجمل البسيطة التي رد بها عليه صديقه، والذي يجسد دوره أالنجم أحمد وفيق، هي المفاجأة. وهي حقًا ما جعلتنا نفكر، فعندما رد عليه قائلًا " منع الموبايل مش حل"، وقفت للحظة، حتى أفكر، فما الحل؟ كيف يمكن لأي أب أو أم أن يحمي ابنه/ ابنته من خطر المواقع الإباحية؟ وهل يمكن التفرقة في مثل هذه المواقف بين الصبي والفتاة؟ لذا وجدنا أن الرد على كل هذه الأسئلة، لابد أن يكون من خلال متخصص، حتى نتمكن من مساعدة كل أم وأب في حماية أبنائهم من خطر مشاهدة المواقع الإباحية.
رمضان 2021.. مسلسل "ولاد ناس": كيف تحمي أبنائك المراهقين من المواقع الإباحية؟
تحدثنا مع الدكتورة هالة حماد، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين والعلاقات الأسرية، حول مشكلة مشاهدة المراهقين للأفلام الإباحية وطريقة التصرف مع الأبناء في مثل هذه المواقف. وهل تصرف الأب الذي ذكرناه بالأعلى صحيح؟
بدأت حماد حديثها قائلة " ببساطة الأب شعر أنه أخطأ في تربية ابنته، ولكنه رفض الاعتراف بالأمر. فكان تصرفه عنيفًا كالضرب ومنع الهاتف، ثم انتقل للمرحلة الثانية وهي إلقاء اللوم على الآخرين، لذا بدأ في الشجار مع الأم ومغادرة المنزل" وتابعت " بالطبع مثل هذا التصرف لا يحل المشكلة، أو يجعل المراهق سواء كان صبي أو فتاة يتراجع عن الأمر، بل إنه يجعل الأمور تزداد سوءًا".
- إذًا، كيف أتصرف مع ابنتي/ ابني المراهق إذا اكتشفت أنه يشاهد المواقع الإباحية، وكيف أحميهم من ذلك من البداية؟
تقول الدكتورة هالة حماد، الحل يكمن في المواجهة ثم الحوار والمناقشة. وأكدت أن الأمر لابد أن ينطلق من نقطة المواجهة ثم يمر بعدة مراحل وأوضحت ذلك في الخطوات التالية...
١- على الأب أو الأم مواجهة الفتاة/ الصبي، وجعله يشعر كم هم تأذوا نفسيًا من رؤيته يقوم بهذا الفعل، وأنه أساء استخدام الثقة التي منحوها له. حتى يشعر هو بالتبعية بتأنيب الضمير، أو بحجم الخطأ الذي ارتكبه.
٢- يجب أن يتحد الأبوين، ويكونا في نفس الصف ولا يُلقي أحدهما اللوم على الآخر.
٣- يجب أن يجلس الأبوين مع الصبي/ الفتاة، وتوضيح الخطأ الذي ارتكبه سواء كان من الناحية الدينية، أو من الناحية النفسية والصحية. وعليهما أن يوضحا له أن هذه الأفلام تؤثر سلباً عليه، ويبدأوا في شرح سلبياتها.
٤- يجب أن يكون هناك عقاب، ولكن بالطبع ليس الضرب ولا منع الهاتف. ولكن يجب أن يتم منع الإنترنت في البداية، ثم بعد ذلك استخدام الهاتف والإنترنت تحت الرقابة. فمنع الهاتف التام ليس حلًا، لأن الأبناء ممكن أن يلجأوا لأي وسيلة أخرى لمشاهدة هذه الأفلام.
٥- التقرب مرة أخرى من الابن أو الابنة، ومعرفة لماذا لجأ لمشاهدة هذه الأفلام، هل السبب الفضول؟ أم أن صديق ما أخبره عنها وهكذا؟ حتى يعلما السبب ويأخذا حذرهما في المستقبل. فربما السبب في الأساس هو صديق سيء، ويجب أن يبتعد عنه.
- يعتقد الأب دومًا أن الأم هي المسئولة عن تربية الأبناء وأن مشاهدة الابن المراهق للأفلام الإباحية دليلًا على فشلها في التربية؟ فما مدى صحة ذلك؟
بالطبع هذا خطأ تمامًا، وإذا كان الأب يعتقد أن دوره هو الإنفاق فقط، فلماذا يتزوج من الأساس وينجب أطفال. تربية الأبناء هي مسئولية الأبوين وليس طرف منهم دونًا على الآخر، فيجب أن يتحد كلاهما على تربية الأبناء بشكل سوي، ولا يكون أحدهما ضد الآخر. لذا أنا أشدد دومًا على ضرورة عودة دور الأب الحقيقي في التربية والأسرة. فلا يمكن بناء أسروة قوية سوية دون أن يشارك كل طرف فيها الآخر.