أتذكر جيدًا منذ أعوام عندما أعلنت النجمة شريهان عودتها للساحة الفنية من جديد وتحضيرها لعمل فني ضخم تحت اسم مسرحية كوكو شانيل وأنا أنتظر موعد عرضها بشغف. وما أثار فضولي أكثر كان العام الماضي، عندما أجريت حواراً مع الفنانة سمر مرسي والتي لعبت شخصية "سيسيل" صديقة ومساعدة كوكو شانيل، حيث أخبرتني حينها أنها لا تعلم بالضبط موعد عرض المسرحية ولكنها على يقين أنها ستكون مفاجأة للجميع وأنها متشوقة لرؤية ردود الأفعال فور عرضها. ومنذ ذلك الوقت وأنا أنتظر، حتى خرج علينا التريلير التشويقي للمسرحية منذ فترة، ثم أخيرًا عرضت مسرحية كوكو شانيل على منصة شاهد منذ أيام. ولا يمكنني التعبير عن مدى إعجابي بها، يكفي أنا أقول لك أنني وقعت في غرام مسرحية كوكو شانيل.
لماذا وقعنا في غرام مسرحية كوكو شانيل؟
الحقيقة الإجابة على هذا السؤال هي أصعب ما يكون، فليس هناك سبب وحيد بل هناك أسباب لا تعد ولا تحصي يمكن ذكرها لتفسير غرامي بالمسرحية، ولكن على أية سأشرح لك بعض من هذه الأسباب في السطور التالية...
١- الانتصار لحقوق المرأة
نحن دومًا متشوقون لرؤية أعمال فنية تنتصر لحقوق النساء، وأن يكون مقدمو هذه الأعمال مؤمنون حقًا بحق المرأة ومدركون ما تعانيه في هذا العالم. لذا عندما نجد عملًا فنيًا يقدم ذلك بمنتهى القناعة، يخطف قلوبنا على الفور، تمامًا مثلما حدث مع مسرحية كوكو شانيل.
ففي بداية المسرحية تظهر رسالة من النجمة شريهان لنساء العالم أجمع، لتجعلني أتوقف لحظات عندها، وأدونها لدي حتى أحتفظ بها، فتقول شريهان " إنحنائة شكر لعموم المرأة في العالم"... لتدرك على الفور أن هذه المسريحة ليست تجسيدًا فقك لقصة حياة امرأة شهيرة في عالم الأزياء والموضة، ولكنها قصة تكشف عما تواجهه النساء بمختلف أعمارهن وخلفياتهن وطبقاتهن الاجتماعية من أجل تحقيق حلمهن.
ومع تصاعد الأحداث يمكنك أن تكتشف شيئًا فشيئًا كيف تعبر المسرحية عن النساء بصدق، النساء اللاتي يدعمن بعضهن ويساندن بعضهن من أجل تحقيق أحلامهن، وكيف يمكن أيضًا أن يصبحن أعداء لبعضهن عندما يفرض عليهن المجتمع ذلك، تمامًا مثلما حدث مع "كوكو شانيل" عندما رفضتها بعض نساء المجتمع الأرستقراطيات وحقدت عليها زميلاتها اللاتي كانت ترقص وتغني برفقتهن في الملهي الليلي.
ليس هذا فقط، بل استطاعت المسرحية أن تكشف ما كانت تعانيه النساء منذ سنوات طويلة من عنصرية ضدهن، بداية من طبيعة من الملابس التي فرضت عليهن وحتى الحب والزواج. لنعلم جميعنا أننا كنساء نكافح منذ سنوات طويلة من أجل أن نحصل على حقوقنا، وسنستمر في ذلك.
٢- أزياء مسرحية كوكو شانيل ساحرة ومبهرة
ولن أخفي عليكم أن السبب في وقوعي بغرام مسرحية كوكو شانيل كانت الأزياء التي تم اختيارها بعناية شديدة، لتعبر عن العصر الذي كانت تعيش فيه مصممة الأزياء الشهيرة "كوكو شانيل" وكيف تغيرت الأزياء خلال مراحلها العمرية. فبدأت بالفساتين والجيبونة والمشدات التي كانت مسيطرة بشدة في ذلك الوقت، وكذلك القبعات ذات الريش وغيرها لتتغير شيئًا فشيئًا عندما قررت "شانيل" القيام بثورة موضة لتتحول لفساتين بسيطة ذات فيونكة عند الرقبة وتظهر البنطلونات والقمصان والقبعات البسيطة الأنيقة، وتظهر التيورات ذات التنانير التي يمتد طولها أسفل الركبتين، ويبقى اللولي مسيطرًا بشدة على أغلب الإطلالات. ببساطة يمكنك من خلال رؤية الملابس فقط أن تعلم جيدًا كيف تغيرات ملابس النساء بمرور السنوات وكيف كانت الموضة حقًا بحاجة إلى ثورة لتخلص النساء من قيود الملابس التي فرضت عليهن.
وفي الحقيقة ما أبهرني أكثر أن هذه الأزياء كانت من اختيار مصممة الملابس "ريم العدل" والتي كانت لها بصمتها القوية والمؤثرة في عدد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية ولكن كانت مسرحية "كوكو شانيل" هي أول عمل مسرحي تشارك به ريم العدل، لتحقق هذا النجاح المذهل وتقدم لنا أزياء ساحرة ومبهرة لا يمكن نساينها بأي شكل.
٣- بطاقة تعريف بمصممة الأزياء الشهير "كوكو شانيل"
جميعنا يعلم من هي كوكو شانيل، وحتى إن كنت لم تبحث عن معلومات تخصها فبالتأكيد تعلم أنها مصممة أزياء شهيرة وهناك عطور باسمها وغيرها، ولكن جميعنا يجهل الجانب الإنساني في حياة كوكو شانيل والذي بالتأكيد لا يكفي أن تقرأ عنه معلومات بسيطة في سطور عبر محركات البحث. لقد كانت المسرحية بمثابة بطاقة تعريف بـ "كوكو شانيل" الإنسانة ومصممة الأزياء. لنكتشف جميعًا ما الذي عانته في حياتها، وكيف كانت رحلتها لتحقيق المجد مليئة بالأسواك ولم يكن الطريق مفروشًا بالورود، وكيف أنها مثل أي شخص ينجح ويخفق ويتألم وينعزل ويعود من جديد. لقد أخذتنا المسرحية في أعماق شخصية " كوكو شانيل" التي لم نكن نعلم عنها سوى بعض الأشياء السطحية.
٤- دعم وتشجيع المبدعين الشباب
أنا شخصيًا أبحث عن الأعمال التي تتناول قصص الناجحين والمؤثرين على مدار التاريخ، وأبحث عن الرسائل التي تقدمها، محاولة مني أن أتلقى الدعم الذي أحتاجه من بين سطور هذه الأعمال. وهذا بالضبط ما فعلته شريهان وفريق عمل مسرحية كوكو شانيل. فطوال المسرحية كانت هناك رسائل لا نهائية للمبدعين الشباب، أهمها الإيمان بحلمهم، التمسك به، السعي لتحقيقه، عدم وضع حدود أو سقف للأحلام، الثقة بالنفس، وغيرها من الرسائل. التي بلا شك تعطيك دفعة قوية لتحقيق حلمك. لذا يمكنني أن أخبرك أنك بعد الانتهاء من مشاهدة كوكو شانيل والتي تحولت من فتاة تعيش بملجأ لأسطورة بعالم الموضة، ستذهب فورًا وأنت مليء بالطاقة والحماس للعمل على تحقيق ما تسعى إليه.
٥- دروس في الحب والصداقة
وقعت شانيل في الحب أكثر من مرة ولكنها تألمت في كل مرة، ورغم ذلك استطاعت أن تعطينا نحن دروسًا لا يمكن نسيانها. ببساطة أخبرتنا شانيل أن الحب لا يعني التخلي عن الكرامة أو القبول بالقليل أو حتى البقاء في الخفاء، ومرة أخرى علمتنا أن "الحب جنون" لا يعرف قواعد ولا يتبع للمنطق، وأن ما يراه الناس خطأ يمكن أن يكون بالنسبة إليك صواب والعكس.
أما في الصداقة، فيمكنني أن أخبرك أن "شانيل" أثبتت لنا أننا جميعًا في هذه الحياة بحاجة إلى صديق وفي واحد على الأقل يكون بجانبنا في لحظات نجاحنا وفي انتصارتنا وحتى ف يلحظات الآلم والهزيمة. صديق يصفق لنا عندما ننجح ويمد يده لنا عندما ننهزم ونسقط. صديق ينتقذنا من جلد أنفسنا، ومن محاولتنا للاستسلام وتدمير كل شيء، صديق يكون هو المساحة الآمنة في حياتنا وسط كل المعارك والهزائم.
هذه كانت بعض الأسباب التي جعلتني أقع في غرام مسرحية كوكو شانيل، ولكن هناك مليون سبب آخر يصعب التعبير والحديث عنهم، ولكنك ستشعر بهم في أعماق قلبك وأنت تشاهد هذا العمل الفني الساحر.
شكرًا شريهان وفريق عمل مسرحية كوكو شانيل...