حسنًا، دعونا في البداية نشكر فريق عمل مسلسل "اللي مالوش كبير"، فالأمر ببساطة أننا انتظرنا سنوات طويلة لنرى عمل درامي يناقش على الشاشة بجدية مشكلة العنف ضد المرأة، وكيف أنها تؤثر عليها بمختلف مراحل حياتها. وأخيرًا جاء مسلسل "اللي مالوش كبير" ليأخذنا في رحلة خلال رمضان 2021، لنرى ما تمر به حقًا المرأة التي تتعرض للعنف، يومًا بعد يوم...
كيف يؤثر عنف الآباء على المرأة؟
في الحقيقة، نجح مؤلف العمل عمرو محمود ياسين في أن يقدم لنا مراحل وأشكال مختلفة من العنف. فمثلًا، كانت البداية من العنف المنزلي من قبل الأبوين. فنجحت ياسمين عبد العزيز أن تقدم حقًا ما تعانيه الفتاة التي تتعرض للضرب من قبل والديها وشقيقها، وكيف أن عقلها يوهمها بأن الحل الوحيد للهروب من هذا العنف المستمر هو الزواج. حتى وإن كان الزوج لا يتوافق معها تمامًا ويكبرها سنًا، ولكنها تتغاضى عن كل هذا، في سبيل الراحة المستقبلية "الوهمية".
ياسمين عبد العزيز هنا لم تعبر فقط عن "غزل" بطلة العمل، ولكنها عبرت عن الكثير من الفتيات. فنحن نسمع يوميًا قصص عديدة عن فتيات، يقبلن بأي زوج فقط لمجرد الهروب من العنف المنزلي. والذي ليس شرطًا أن يكون ضرب أو عنف جسدي ولكنه ممكن أن يكون عنف نفسي. حيث تشعر الفتاة أنها وسط عائلتها، ولكنهم بالوقت ذاته بمثابة أعداء لها.
_______________________________________
ما هي أنواع العنف المختلفة ضد المرأة؟
_______________________________________
إذاً، ماذا يحدث بعد الزواج؟
وبمنتهى الوضوح كشفت لنا "عبد العزيز" المصير التي تواجهه الفتيات، اللاتي يهربن من العنف الأسري بالزواج. لتؤكد أنهن ينتقلن لنوع آخر من العنف وهو "العنف الزوجي". وهو ما حدث مع "غزل" بطلة المسلسل، عندما تزوجت من رجل يكبرها بأعوام وهو "عابد" الذي لعب شخصيته النجم خالد الصاوي. ليبدأ هو الآخر في ممارسة أشكال مختلفة من العنف الزوجي عليها، سواء بالترهيب، أو بالضرب الذي يصل إلى حد الإيذاء الجسدي. لتستمر معاناتها مع العنف التي تزداد ولا تقل. فالأمر لم يختلف كثيرًا عما سبق ومرت به.
ماذا تفعل المرأة عندما تتعرض للعنف من قبل الأبوين والزوج؟
نحن النساء تمارس علينا العديد من الضغوط يوميًا، خاصة إذا قررت إحدانا اتخاذ قرار الإنفصال عن زوجها. فدائمًا ما يُلقى باللوم عليها، مهما فعل الزوج. رغبة من العائلة أن تستمر حياة الفتاة برفقة زوجها تحت أي ظرف، وأنها مثلها مثل غيرها من النساء يجب أن تتحمل. ولكن رغم سوء كل هذا، إلا أنه يتضاعف عندما يكون الأبوين بالأساس يعتمدان على العنف في علاقتهما مع ابنتهما.
لذا عندما لجأت "غزل" لشقيقها حتى يساعدها، أخبرها بأنها يجب أن تتأقلم على الوضع ولا تعطي الأمور أكبر من حجمها. وأنها يجب أن تكون مممتنة لأنها متزوجة من رجل ثري. فلم يهتم كثيرًا بآثار الضرب الموجودة على وجه شقيقته ولا حالتها النفسية السيئة. وهكذا تستمر معاناتها، حتى تفر هاربة إلى منزل العائلة، ليحاول شقيقها التعدي عليها بالضرب لتعود لمنزل زوجها، إلا أنها في هذه اللحظة تقرر أن تخرج ما يحمله قلبها من آلام على مدار السنوات السابقة وترفض بشكل قاطع أن تتعرض للضرب مرة أخرى.
_________________________________________________
للنساء... هذا ما تحتاجين القيام به متى تعرضت للتحرش الجنسي
_________________________________________________
قرارات خاطئة واحدًا تلو الآخر...
هل لاحظت يومًا أنك عندما تتعرض لمشكلة ما تفوق مقدار تحملك، يكون فكرك مشوشًا وتبدأ في اتخاذ قرارات عديدة خاطئة. حسنًا، هذا هو الحال أيضًا بالنسبة للنساء ضحايا العنف الأسري والزوجي. هن أيضًا، يصلن لمرحلة كل هدفهن هو التخلص من هذا الألم المستمر بأي ثمن كان، دون أن يعلمن أو ينتبهن إلى أن القرارات اللاتي يتخذنها خاطئة وقد توقعهن في مشاكل أكبر. لأنهن طوال هذه الرحلة المؤلمة، لم يتلقين أي دعم نفسي أو معنوي من قبل المحيطين بهن.
هذا أيضًا ما حدث مع "غزل"، عندما لجأت لإحدى الرجال والذي يدعى "الخديوي" لتطلب منه أي يقتل زوجها، حتى تتخلص منه وتصبح حرة. إلا أنها تكتشف بعد ذلك أنه هو نفسه تقاضى أموال من قبل زوجها "عابد" ليقوم بقتلها، ولكنه لم يفعل ذلك.
كيف يؤثر العنف ضد المرأة عليها نفسيًا؟
استطاعت ياسمين عبد العزيز "غزل" أن تكشف حقًا عن الجانب النفسي للمرأة ضحية العنف الأسري والزوجي. فبقليل من التدقيق يمكن أن تلاحظ أن شخصية "غزل" لديها العديد من المشاكل...
فمثلًا، في البداية تظهر "غزل" وهي امرأة بكامل أناقتها وتضع مكياجها بشكل جذاب، لدرجة تجعلك تعتقد أنها لا تعاني أي أزمة ما بحياتها. ولكن الحقيقة أنها تفعل كل ذلك حتى تخفي آثار الحزن التي يحملها وجهها، وربما آثار الضرب الذي يتسبب فيه زوجها في كل مرة يتعدى عليها.
أيضًا، كانت تبحث عن نظرات الإعجاب في عيون الرجال من حولها، ربما يفسر البعض هذا على أنها امرأة ذات خلق سيء، ولكن في الحقيقة، كان هذا طبيعيًا للغاية. فهي تززوجت رجل لا تحبه ولا يمنحها أي قدر من الحب، حتى أنه في أغلب الأوقات يكون بعيدًا عنها وعندما يتواجد تتعرض للضرب والإهانات منه. فهي تفتقر لوجود الحب في حياتها بدءًا من أهلها وحتى زوجها.
كما كشفت الحلقة الأولى من المسلسل، أن لديها إدمان للتسوق والشراء حتى أنها تقوم بشراء أغراض لا تحتاجها. وهذا يلقى الضوء أيضًا على مقادر الشعور بالفراغ وبالنقص في حياتها والذي تريد تعويضه بأي شيء ممكن.
ربما يكون هذا جانبًا بسيطًا لما تواجهه النساء ضحايا العنف بأشكاله المختلفة. ولكنه في الغالب يكون مشتركًا بين جميع النساء، من مختلف الطبقات والخلفيات الثقافية والاجتماعية. فالعنف واحدًا دومًا، وآثاره شديدة القسوة. لذا يبقى السؤال دومًا ألم يحن الوقت للقضاء على العنف ضد المرأة؟