في عام 2019، أجرينا لقاء مع رشا مكي والتي كانت قد بدأت مبادرتها وصفحتها " An adoption story in Egypt" لتشجيع النساء اللاتي يواجهن مشاكل بالإنجاب على تبني الأطفال "الكفالة". أتذكر حينها أنها روت لنا تجربتها وكيف قررت تبني طفلها "مصطفى"، لقد كانت فخورة بما فعلته، وكانت من بين الجمل التي قالتها وأتذكرها جيدًا هي أن "تجربة التبني جعلتني أرى الحياة بشكل مختلف". أتذكر أنني بعدما أنهيت لقائي معها، كنت متأثرة بشدة بهذه الجملة، وتمنيت لو أن يأتي اليوم وتعلم جميع النساء أنهن يمكن أن يشعرن بالأمومة بمختلف الطرق وليس فقط عن طريق الحمل والإنجاب.
شاهدي هنا حوارنا السابق مع "رشا مكي" عن التبني>>
ويبدو أن "منة شلبي" وصناع مسلسل "ليه لأ الجزء الثاني" قد سمعوا أمنياتنا، ليتناولوا قضية تبني الأطفال للنساء غير المتزوجات في هذا الموسم للمسلسل، والذي حقق موسمه الأول الذي لعبت بطولته أمينة خليل نجاحًا مميزًا. لقد طرح المسلسل عدة تساؤلات هامة، وأنا على يقين أنها تدور في ذهن كل فتاة منا. لذا اعتقدنا أنه من الضروري أن نلقي الضوء على هذه التساؤلات والإجابة عليها...
مسلسل ليه لأ الجزء الثاني: تساؤلات حول "التبني" وهذه هي الإجابة عليها
أكثر ما لفت نظري منذ عرض الحلقة الأولى، وهي التساؤلات التي يطرحها المسلسل بين السطور، فهو يعود بك إلى أصل المشكلة، ومن أين يبدأ التفكير في التبني ولماذا، وكيف يراه المجتمع وغيرها الكثير والكثير من الأشياء. ليجعلك دون أن تدري، تجد نفسك في مواجهة نفسك وأفكارك...
- هل الأمومة حقًا مرتبطة بالزواج والإنجاب؟
لقد تربينا على أننا سنكبر ونتزوج ثم نصبح أمهات، ولم يخبرنا أحد قط أن الحياة مليئة بالمفاجآت وأنها لا تسير دومًا على هذا النحو. فربما نكبر ولا نجد من يشاركنا رحلتنا حتى نتزوج به، مثلما يحدث مع الدكتورة "ندى" منة شلبي في مسلسل "ليه لأ ٢" والتي وصلت لعامها الـ ٣٨ دون أن تجد رجل يشاركها رحلتها. هل معنى ذلك أننا سيجب علينا أن نحرم أيضًا من مشاعر الأمومة؟!
أو أننا حتى يمكن أن نجد هذا الرجل ولكن نتفاجئ بأن أحدنا يعاني من مشاكل بالإنجاب. أو حتى ربما يأتي هذا الرجل المناسب متأخرًا كثيرًا بعدما نصبح غير قادرين على إنجاب أطفال. مرة أخرى هل يعني هذا أننا يجب أن نحرم من مشاعر الأمومة؟
لقد ظلت مشاعر الأمومة لسنوات طويلة وجيل بعد جيل متعلقة بمسار واحد فقط وهو الزواج ثم الإنجاب، وما إن يحدث خلل في هذا المسار يضيع كل شيء وينهار على الفور. ولكن كما ترون إذًا إنها ليست مجموعة واحدة تأخذها جميعها. فالزواج ثم الحمل والإنجاب ليسوا دائمًا أشياء مسلم بها وتأتي معًا. ربما يأتوا جميعًا وربما يأتي أحدهم وربما لا يأتي أحدها من الأساس. لذا لا يوجد سبب واضح في أننا نضع هذه الأشياء معًا، كخط سير بديهي للحياة. لذا نعتقد أن الوقت قد حان لنخرج "الأمومة" من هذه الدائرة ونبحث لها عن طرق أخرى.
- هل يجب القبول بأي رجل لمجرد تأسيس عائلة والحصول على لقب "أم"؟
مرة أخرى تجعلنا "منة شلبي" أمام قضية تواجهها أغلب الفتيات اللاتي يتأخرن في الزواج. فعلى الرغم من إيماننا الكامل بأن الزواج ليس له سن محدد، ولكن المجتمع دومًا يضع فترة زمنية محددة، ففور أن تتخطاها الفتاة يبدأ في دفعها نحو الزواج ومحاولة إقناعها بقول أي رجل لمجرد تأسيس منزل وعائلة. وفي الحقيقة، هذا ليس مرتبط بطبقة اجتماعية معينة، أو بثقافة أو تعليم.
ما هو أفضل سن للزواج؟ وما هي مميزاته وعيوبه في كل مرحلة عمرية؟
ففي حالة "ندى"... تدفعها صديقتها "سالي" للتقرب وقبول الزواج من صديقها الطبيب الذي يلعب دوره "فراس سعيد" على الرغم من أنها لا تحبه. ولكن من وجهة نظر صديقتها أنه فرصة رائعة للزواج وتأسيس عائلة. وهذا بالضبط ما ترفضه "ندى" منة شلبي. فرغم رغبتها الشديدة في أن تصبح "أم" ولكنها ترى أنه ليس عليها قبول فكرة الزواج من أي رجل حتى وإن كانت لا تحبه لمجرد رغبتها في تأسيس عائلة. وهذا ما نتفق عليه معها.
- ماذا لو كان بإمكاننا ممارسة "الأمومة" بشكل مختلف؟
في الحلقة الثانية من مسلسل "ليه لأ ٢"، طرحت منة شلبي تساؤل هام قائلة " مش يمكن ربنا كاتبلي أبقى أم بشكل مختلف"... في الحقيقة كانت هذه الجملة معبرة للغاية، فلماذا لا نفكر في أن هناك سبل أخرى للأمومة، غير الزواج والحمل والإنجاب. لماذا لا نفكر بـ " التبني"؟! هناك ملايين من الأطفال يحتاجون حقًا لوجود أمهات، ولن يفرق معهم إذا كانت هذه الأم شابة صغيرة، أو أم ولديها أبناء آخرين بالفعل أو إن كانت متزوجة أم لا. فكل ما يحتاجونه إمرأة قلبها مليء بمشاعر الأمومة تستطيع أن تمنحهم الحب والآمان وكل شيء في هذه الحياة.
- إذًأ، لماذا لا يتقبل المجتمع فكرة التبني وخاصة للنساء غير المتزوجات؟
الأمر ذاته يعود للموروثات، ففي المجتمعات العربية لا يمكن تقبل فكرة التبني/ الكفالة بسهولة. فالمجتمعات العربية لا تتقبل إلا الأبناء البيولوجيين، ويرون أن التبني أو الكفالة هو أخر خيار يمكن اللجوء له، أو حتى البعض لا يضعه ضمن الخيارات من الأساس. وفي الحقيقة، المجتمع يرى أن لديه أسبابه وهي التي أوضحتها "سالي" دنيا ماهر في مسلسل "ليه لأ"، عندما عرضت منة شلبي عليهم رغبتها في تبني طفلة، فعلقت قائلة...
- لن تجدي رجل سيتزوجك، وأنت متبنية طفل.
- لا يوجد رجل يقبل أن يربي طفل غير طفله.
- لماذا التبني مادام يمكنك محاولة إيجاد زوج وشريك ثم الإنجاب.
هذه الجمل الثلاث تدور في ذهن غالبية أبناء المجتمعات العربية، ليس هذا فقط بل أن البعض يرى أن إنفاقك وتربيتك لطفل ليس ابنك البيولوجي يعد تضييع للوقت والمال، لأن هذا الطفل يمكن أن يكبر ثم يبحث عن عائلته البيولوجية، ثم يتركك.
كل هذه الأفكار تسيطر على الغالبية، بل وهناك المزيد والمزيد، ولهذا لا يمكن أن يتقبل المجتمع فكرة "التبني" بسهولة. ولكن لحظة! منذ متى ويتقبل المجتمع أي فكرة خارجة عن نطاق المسار التقليدي بسهولة. إذًا، لماذا ننتظر منه أن يتقبل التبني ببساطة؟!
أخيرًا، "التبني" هو طريقة مختلفة لتحقيق حلم الأمومة لجميع النساء، سواء كنت متزوجة وتعاني من مشاكل بالإنجاب أو أن لديك أطفال وترغبين في منح طفل آخر في هذه الحياة مشاعر الأمومة والحنان التي يحتاجها أو أنك كنت غير متزوجة أو أنك لا ترغبين في الزواج من الأساس. أي كان وضعك أو قناعاتك، فكوني على يقين أن هناك طرق أخرى لتحقيق حلم الأمومة! لذا حان الوقت لتغيير نظرتنا نحو "التبني".
مصدر الصورة الرئيسية: انستجرام @mbcgrouppr