قبل التسرع في اختيار شريك الحياة و"ربط" مستقبلك بشخص ما، عليكِ أن تعي جيدًا أن هذا الشخص سيكون شريكَا في كل شيء، أي أنه سيكون أب لأطفالك ومصدر التأثير الأول في حياتهم ومستقبلهم، وهو الشخص الذي سيجلس معك مدى الحياة... والشخص نفسه الذي ستتناولين معه ما لا يقل عن ٢٠ ألف وجبة، وهو الذي ستقضين برفقته جميع الأجازات والأعياد والأسفار التي ربما لن تقل عن ١٠٠ مرة. ومع دخول قدميك إلى عالم الشيخوخة سيكون هو ذاته الشخص الذي ستظهر أمامه علامات ضعفك، طيبتك، سذاجتك، غضبك ونوبات اكتئابك... ومن أجل كل ما سبق يجب أن تختارين جيدًا وبعناية.
وبالرغم من يقينى التام بمعرفة الجميع بهذه الكلمات، إلا ان الكثير من "الفتيات" يقعن فى تجربة مع الشريك الخاطئ، بل والأدهى الاستمرار معه وهو ما ينتج عنه في الكثير من الأحيان علاقة مشوهة ومأساوية، وللأسف يكون السبب في ذلك هو أنت. وبشكل أكثر دقة "عقلك الباطن" الذي يكون المتحكم الأول في مثل هذه العلاقات. هيلين فيشر، الحاصلة على دكتوراه فى دراسة البشر وسلوك الانسان رصدت بعض الأسباب التى تدفع الإنسان وبخاصة المرأة فى الوقوع فى مثل هذه العلاقات المشوهة، يمكن التعرف عليها من خلال الآتي..
١- الخوف من عدم الزواج
الشعور بالخوف هو من أسوأ الأحاسيس التى تدفعك الى الاختيار الخاطئ. الخوف يقنعنا باختيار شريك حياة سريعا بدلا من الانتهاء بك "وحيدا". الخوف من مرور "قطار العمر" كما يقال دون ان تجد من يكمل معك مشاور حياتك. وعند الاختيار وعلى الرغم من ظهور بعض المؤشرات التى تنبهك أنه الشخص غير المناسب، إلا اأن الخوف والعقل الباطن يتكاتفان على إقناعك بل وربما تزييف الحقيقة بأشياء من قبيل هذه الحياة التى تريدينها، زوج رائع، طفل مثالى وبيت تملأه السعادة. وعلى الرغم من صعوبة تحليل هذا الإحساس ومواجهة نفسك بالحقيقة، عليك الإجابة عن سؤال واحد فقط " هل انت متمسكة بهذه العلاقة خوفا فقط..أىًأ كان نوع الخوف أو أسبابه" إذا كانت الاجابة بنعم، فعليك أن تعلم أنك تورطين نفسك فى علاقة نوعا ما أبدية او مأساوية الآن خوفا من المستقبل وما يخفيه فقط.
٢- الثقة بالنفس
كيف ترى نفسك؟ .. إذا كنت تشعرين بأنك "لستِ جميلة، لست ذكية، أو أيًا كان الشعور السيئ الذى تشعرين به تجاه نفسك"..عليكِ التخلص منه مبدئيا والتصالح مع ذاتك قبل الدخول فى أى علاقة. ولا تظنى أن ارتباطك أو دخولك فى أى علاقة سيحسن من نظرتك لنفسك أو يجعلك افضل فى نظر الغير. فنظرة شريك حياتك ما هى إلا انعكاس حقيقى لنظرتك لنفسك.
٣- الضغط... لذى يولد علاقة خاطئة
يقال أن "الضغط يولد الانفجار"، فضغط كبير ومن جميع الجهات بداية من المجتمع ووصم الفتاة التي لم تتزوج مبكرًا بأنها "عانس"، وحتى لا تقعي فريسة لاختبار خاطئ يجب أن تتعافي أولًا من تأثير كلمات مثل جملة "النصيب سيلعب لعبته" و"الحب أعمى"، كما يجب أن تصمي أذنيك عن سماع كلام مثل "كبرتى أوى" و"استنى عدلك"، فللأسف هذه العبارات لها تأثير كبير عليك وحتى إن كنتِ فى قرارة نفسك ترفضينها، إلا أن النفس البشرية دائما تسعى وراء "الصورة الكاملة" و (إطار الحياة) والذى للأسف تربينا على أنه لن يكتمل أبدًا إلا بوجود زوج.
٤- نفسي: أحب واتحب
هذه الجملة سواء أكانت تكرر بين بنات جيلنا كنوع من السخرية أو بشكل جدي، فهي أحد الأسباب الرئيسية لاختيار شريك حياة خاطئ، بل روبما يصور لك عقلك الباطن ان الارتباط يعنى "العلاقة الرومانسسية ..الشعور بدقة القلب واللهفة" وغيرها من المشاعر. ولكن للاسف نظرتك الضيقة لمفهوم العلاقة يجعلك متلهف نفسيا وجسمانيا فى الشعور "باحساس الحب" متغاضيا تماما عن أى صفات أو مشاكل تظهر فى شريك حياتك. وهذا الإحساس ينتقل الى طرف العلاقة الآخر، وبالتالى بقصد أو دون قصد يغذى هو لديك هذا الاحساس، مدركًا تماما انك عمياء عن أي عيوب أو صفات أخرى، فكل ما تريدين "تحب وتتحب." لذا اسالِ نفسك هل أنت تريدين الارتباط لمجرد الشعور بالحب؟ هل أنتِ خائفة من فقدان الحب؟ هل تعرفين ما هى عيوب الشخص الذى تريدين الارتباط به؟ اذا كانت الإجابة لا..فاعلمِ انك انجرفت وراء مشاعرك وعليك فى تلك الفترة أن تأخذين رأي شخص تثقين به ليساعدك على تخطى هذه التجربة والتخلص من هذا الإحساس الوهمي.
٥- الشعور بالارتياح والألفة
هذا الشعور بالألفة والدخول فى "منطقة الارتياح" كما أن لها إيجابيات فإن لها مساوئ أيضًا، فمثلا إذا كان لديك احساس "بالرفض او الشعور بالتدنى منذ الصغر، فإنك للأسف ستلجأين إلى علاقة تشعرين بها نفس الاحساس والتى ستغذى إحساس الماضى عندك. وبالرغم من أن العقل الواعي يرفض تماما الدخول فى مثل هذه العلاقة، إلا أن العقل الباطن يألفها ويرتاح لها. وعلى الرغم من الألم النفسي وربما الجسدى الذى تعرضت له فى السابق، إلا ان العقل الباطن يصيبه التوتر والتشتت بمجرد الابتعاد عن المألوف.
٦- الانجذاب للشخصيات المريضة
هل لديك هذا الشعور الدائم بأنكِ "المنقذ" أو أن تنجذبى لهذا الشخص الذى تملأه العيوب والمشاكل بل وتقنعى نفسك "أنه سيكون افضل بجانبك"؛ إذًا أنتِ على الأغلب في حاجة إلى العلاج، فهذا الانجذاب ما هو إلا انعكاس لبعض المشاكل أو العيوب أو التجارب السيئة التى مررت بها والتى تنتقل تدريجيا فى شكل "مساعدة منك لهذا الشخص" ولكنها فى الحقيقة استغاثة من داخلك رغبة فى التخلص من هذا الاحساس بالفشل، وخيباتك فى تحقيق احلامك. هذا الشخص هو مرآة وانعكاسك لنفسك والرغبة منك فى المساعدة هى مساعده لشخصك. وفي السواد الأعظم تفشل التجارب المبنية على هذا المفهوم الخاطئ.
نهاية يبقى التذكير بما قالته هيلن فيشر بإن الإنسان يجب أن يفهم نفسه ويحللها أولًا قبل الارتباط وإنشاء علاقة وذلك حتى لا يقع فريسة لعقله الباطن وتتحول العلاقة إلى مأساة.