أمي: هل
كل شيء معد؟ هل نسيتِ أن تحضري معك أي شيء قد تحتاجه حبيبة؟
أنا: لا أظن أني نسيت شيئا، وعلى كل حال يجب أن أغلق الهاتف الآن يا أمي. أنا أحمل العديد من الحقائب ويجب أن أذهب لشباك تسليم الحقائب الآن. سأتصل بك بمجرد صعودي إلى الطائرة.
أنا أحب حفلات الزفاف جدا، ولكن ليس عندما تتسبب في الكثير من الضغط العصبي وهذا ما يحدث الآن حتى قبل أن أصل إلى القاهرة. هل كنت متحمسة للعودة؟ بالتأكيد! ولكني كنت قلقة بعض الشيء من التخبط في كل الأشياء التي تركتها خلفي عندما سافرت أولا. ولكن الحق يقال، فهذا كان سيحدث آجلا أم عاجلا. وأنا أفضل عاجلا!
هل تتذكرون صديقتي حبيبة وخطيبها رفيق؟ نعم، الرجل الذي يبلغ من العمر ٤١ عاما ولديه ابن. تمت خطبتهما منذ أكثر من عام وعلى الرغم من أن حبيبة كانت متلهفة جدا للزواج منه، إلا أنها أخيرا استمعت لرأي والديها وقررت أن تتمهل وتنتظر بعض الوقت. والآن حان وقت اليوم الأهم في حياتها! بصفتي الأشبينة –نعم، أنا وليس دينا- كان عليّ أن احضر لها العديد من الأشياء مع من دبي وأن أكون هناك في موعدي لأنظم الأمور جيدا.
بعد بضع ساعات كنت مستلقية على سريري الخاص في غرفتي الخاصة. لقد افتقدتها! استرحت لمدة ساعة، قضيت بعض الوقت مع والداي ثم ذهبت إلى منزل حبيبة.
حبيبة: هل ستذهبين معنا بهذا المظهر؟
أنا: أي مظهر؟ ونذهب إلى أين؟
حبيبة: بالطبع نسيتِ.
دينا: أرأيت؟ قلت لك أني سأكون أشبينة أفضل بكثير منها.
أنا: لا لن تكوني. نسيت فقط، من فضلك ذكريني.
حبيبة: سنتقابل جميعنا اليوم، أصدقائي المقربين مع أعز أصدقاء رفيق.
دينا: همم، رجال كبار في السن... هل يشبه أحدهم جورج كلوني؟ هاهاها
تبا! نسيت تماما هذا الأمر. وعلى الرغم من أني كنت مرهقة جدا، إلا أني أسرعت إلى المنزل، ارتديت فستانا أسودا وإكسسوارات وبعض المكياج ثم عدت مرة ثانية لحبيبة ودينا.
كانوا قد قاموا بحجز مكان لنا في مطعم راق، وكنا مجموعة صغيرة فقط، حوالي ١٢ فرد أو أكثر قليلا من هذا. كان هناك العديد من الرجال الأكبر سنا ومن الجانب الآخر فتيات في سني مما جعل هناك شعور بعدم الراحة للجميع، أم كان هذا في دماغي فقط؟ ألقت دينا نظرة على كل الجالسين وقررت أن تجلس بجانب رجل يتماشى مع ستايل الرجال المفضل لها. لم أتحدث معها أو مع جوي منذ فترة فلا أعرف إلى أين وصلت علاقتهما أو إن كانا لا يزالان يتحدثان. بالتأكيد أنا بحاجة لمعرفة الجديد في هذا الأمر.
اخترت الركن الأكثر هدوءا وجلست فيه، فهو المكان الأفضل لي لأحاول الحصول على بعض الراحة. لم أكن في مزاج جيد لأحاول التواصل مع الآخرين ولكن لم أقدر أن أقول هذا لبيبا. سأتظاهر أني مشغولة بالأكل وأنقض على الطعام. حصلت على عشر دقائق فقط بمفردي قبل أن قاطعني رجل ما عندما أتى وجلس في الكرسي الذي بجانبي. ألقيت نظرة مخيفة تجاهه كتعبير لعدم رغبتي في أن يقاطعني أحدا.
الرجل الغريب: هل هذا الكرسي محجوز؟
أنا: لا.
الرجل الغريب: رائع، إذا سأجلس هنا. أنا فيصل، صديق رفيق.
أنا: نعم، توقعت.
أدركت أني أتحدث بطريقة فظة فقط عندما نظر إلي بطريقة غريبة.
أنا: أسفة، ما أقصد أن أقوله هو أني سعيدة بمعرفتك. مريت بيوم طويل ولم أعد بكامل تركيزي.
فيصل: لا تقلقي حيال هذا الأمر، فهذا يحدث لي طوال الوقت. أتوقع أنك الشهيرة لوسي، حبيبة تتحدث عنك كثيرا. تعيشين الآن في دبي، أليس كذلك؟
أنا: يبدو أن لديك كل التفاصيل. نعم، أعيش هناك الآن.
فيصل: في ماذا تعملين؟
أنا: أنا متأكدة أنها قالت لك هذا أيضا، أليس كذلك؟
نظرة أخرى غريبة. أتصرف بطريقة بشعة!
أنا: ما رأيك في هذا... هاي، أنا لوسي، صديقة حبيبة وأشبينتها. أعتذر مسبقا لأني في بعض الأحيان أتحدث قبل أن أفكر بالأخص في الأيام التي أكون فيها مجهدة. رجعت للتو من دبي وأعمل هناك في العلاقات العامة. بالكاد نمت في الأيام القليلة الماضية لأني كنت بحاجة لتسليم عدة مشاريع لأتمكن من آخذ أجازة لمدة أسبوع.
فيصل: هاهاها، الآن أنت تتحدثين أكثر من اللازم.
أنا: يصعب إرضاءك يا رجل!
حبيبة: أرى أنكما تقابلتما. لم يتمكن فيصل من القدوم لحفل خطوبتنا لسفره، ولكنه وعد أنه سيكون أكثر من سيرقص في حفل زفافنا.
أنا: أشك في هذا، لديك منافسة!
حبيبة: هل كنت تعرفين أنه أشبين العريس؟ سترقصان معا أنتما الاثنين في بداية حفل الزفاف.
فيصل: هل أنا مضطر؟ إنها تتحدث دون تفكير هاهاها
أنا: رائع! إنه يتمتع بحس فكاهي أيضا.
كان يبدو على حبيبة الحيرة، فهي لم تكن متأكدة إن كنا حقا لا نطيق بعضنا البعض، أم إن كنا نمزح.
حبيبة: هل تريدان أن أختار لكل منكما شخصا آخر؟ يمكنك أن ترقص مع صديقتي منى التي تجلس هناك ولوسي يمكنك الرقص مع هذا الرجل (أشارت إلى رجلا آخر يجلس في الجهة الأخرى من الغرفة).
فيصل: لا داع، سأرقص مع لوسي.
شعرت حبيبة براحة كبيرة أننا لن نقلب لها كل ترتيباتها وتركتنا سريعا قبل أن نغير رأينا. نظرت له وبدأت أضحك.
أنا: يبدو أني كنت مشاكسة مع الشخص الخطأ.
فيصل: تعلمين، أنا وافقت على الرقص طوال الحفل فقط لأني لم أتمكن من حضور خطبتهما. في المعتاد، أنا لا أرجح المفهوم العام لحفلات الزفاف.
أنا: جميل! أنت الآن تشارك شخصية غريبة تماما بمعلومات خاصة عن نفسك.
فيصل: ثقي بي، أنت لست غريبة عني لأني سمعت الكثير والكثير عنك. في الحقيقة، صديقتك حبيبة كانت معتقدة أنها ستكون فكرة جيدة لو حاولت التوفيق بيننا.
لماذا قد تفكر في هذا؟ ومع رجل تعدى الأربعين من عمره؟ يجب أن أعترف أنه وسيم جدا ولكن هذا لا يعني أني سأكون راضية بفارق السن الكبير.
أنا: مذهل! لماذا قد تعتقد أني بحاجة لأن يوفق أحد بيني وبين شخص آخر؟
فيصل: هذا نفس سؤالي لها مباشرة بعد أن أرتني صورتك. فقالت لي أن كلانا نمتلك ذوقا سيئا. حينها اضطريت أن أعلق بأن هي من قررت أن تتزوج رفيق هاهاها
لديه حس فكاهي جيد، لا يمكنني نكران هذا.
فيصل: إذا لماذا أنت عازبة؟
أنا: ولماذا أنت عازب؟
فيصل: لا تجيبي على سؤال بسؤال، هل السبب حقا أنك تملكين ذوقا سيئا؟ سأشاركك رأيي أيضا بمجرد أن تخبريني.
أنا: ولماذا قد أشارك رجلا غريبا بشيء كهذا؟
فيصل: لست مضطرة، ولكن لدي فضول أن أعرف. كما أن المحادثات التي تكون مع غرباء دائما ما تكون مثيرة للاهتمام.
أنا: أنا عازبة لأني أريد ذلك. ليس لدي النية للدخول في علاقة أخرى حتى أجد من يتماشى معي بشكل مثالي.
فيصل: هذا ما يقوله الجميع، ولكن لا وجود لشيء اسمه مثالي أو توأم الروح وكل هذا الهراء.
أنا: لم أقل أني أؤمن بتوأم الروح. أنا لست ساذجة. ماذا عنك؟
فيصل: أنا لا أؤمن بـ "إلى الأبد" ولكني أؤمن بالعلاقات المسلية القصيرة.
أنا: كم عمرك يا رجل؟ أنت لم تعد في الحضانة والوقت يجري.
فيصل: آي! هذا كان تعليق قاسي.
أنا: أعرف ولكنك بحاجة إلى مواجهة الواقع. أفهم أن "إلى الأبد" لن يكون مضمونا أبدا وأنه لا يوجد شيء اسمه توأم الروح لأن الواقع يقول أن كل الناس تتغير يوميا، ولكن ما تقوله حقا غريبا.
فيصل: هل تعتقدين أن لمجرد اختبارك لبضعة تجارب سيئة وتمكنت من التعافي، أصبحت خبيرة؟ هذا يجعلك حقا ساذجة. الأمور ليست بسيطة دائما كما يعتقد أمثالك من الأشخاص.
أنا: والأمور ليست معقدة دائما كما يجعلها من مثلك من الأشخاص. الحياة لا يجب أن تكون درامية هكذا. على العموم، تشرفت بمقابلتك ولكني بحاجة للرحيل حتى أنام.
نظر إلي وكان واضحا أني أغضبته. لا يهمني، فبكل صراحة أنا اكتفيت من الذين يعتقدون أنهم خبراء في كل شيء عن الحياة. لا يضايقني من لديهم رؤيتهم الخاصة ولا يحاولون التدخل في رؤيتك لأن هذا هو احترام وجهة نظر الآخرين. ولكن الذين يحاولون فرض آرائهم عليك لا أتحملهم إطلاقا.
قضيت بعض الوقت مع أمي قبل أن أذهب أخيرا إلى سريري. قررت أن أتصل بحبيبة لأخبرها أني آسفة لعدم وجودي بجانبها اليوم كما كان يجب عليّ.
أنا: بيبا، أعدك أني سأشحن كامل طاقتي اليوم أو أثناء نومي وغدا سأكون مليئة بالحيوية.
حبيبة: رائع حبيبتي! سؤال سريع، ما رأيك بفيصل؟
أنا: همم، هو جيد ولكنه غير متزن قليلا. سمعت أنك كنت تريدين التوفيق بيننا؟
حبيبة: نعم، كنت أحاول. في مرة كنت أتحدث مع رفيق عنك وكان فيصل موجودا. بدا عليه أنه أراد أن يعرف المزيد عنك وحينها أريته صورة لك. هل ضايقك أو أي شيء من هذا القبيل؟ شعرت بجو غريب بينكما.
أنا: لا، كنا نمزح في البداية ولكنه بدأ يسألني أسئلة شخصية عن السبب في أني عازبة وكل هذا الهراء. وأخذ يقول كلام عن أنه لا يؤمن بـ "إلى الأبد" وما شابه... لم أكن في حالة مزاجية تسمح لي أن أستمع.
حبيبة: نعم هو يفعل هذا أحيانا ولكنه عانى كثيرا.
أنا: لماذا؟
حبيبة: توفت زوجته منذ بضعة سنوات واحتاج للخضوع لعلاج مكثف لفترة طويلة. يقول لي رفيق أنها كانت فترة سيئة جدا له، كان ينهار ولم يتمكن أحد من فعل شيء لمساعدته.
أنا: تبا! في هذه الحالة، أنا تصرفت معه بحماقة شديدة.
حبيبة: أنت لم تكوني تعرفين هذا. لا تقلقي حيال هذا الأمر.
أنا: هل لديه أطفالا؟
حبيبة: لست متأكدة، يجب أن أسأل رفيق. على كل حال لا تقلقي، فيصل سيكون بخير. الآن أنا بحاجة لأن تنامي وتكوني مستعدة في العاشرة صباحا. فمازال هناك أشياء أنا بحاجة لشرائها وأريد رأيك فيها.
بمجرد أن أخبرتني حبيبة عما حدث مع فيصل إقشعر جسمي بالكامل. لا يجب علي أن أحكم على الآخرين بهذه السرعة. حقا لا يجب عليّ! لم أتمكن من النوم وظليت أفكر إن كان يجب أن أعتذر أم لا. ثم قررت ألا أعتذر. حاولت أن أغلق عيناي والدخول في نوم عميق كما أشتقت أن أفعل طوال اليوم ولكني لم أتمكن من النوم.
أخيرا قمت، فتحت اللاب توب الخاص بي وبدأت أبحث عن صفحته في قائمة أصدقاء حبيبة. رائع، هي تحجب القائمة عن الآخرين. حاولت النظر في قائمة أصدقاء رفيق. ها هو! هل أبعث له بطلب صداقة حتى أرسل له رسالة؟ لا لا، سأرسل الرسالة مباشرة. بعد التفكير فيما يجب أن أكتب، هذا ما استقريت عليه:
أنا: هاي فيصل، آسفة جدا عما بدر مني اليوم. كنت في حالة مزاجية سيئة جدا وتصادف أنك من كنت تجلس بجانبي. أتمنى لك ليلة سعيدة!
بعد بضع ثوان بدأ يكتب رد.
فيصل: لا تقلقي حيال الأمر، لا مشكلة بيننا. ولكن أنت تعتذرين فقط لأن حبيبة أخبرتك، أليس كذلك؟
نظرت إلى الشاشة عدة ثواني لم أعرف كيف أجيبه.
أنا: نعم أخبرتني. أنا لا أشفق عليك، أو أي شيء من هذا القبيل، ولكني أدركت أني كنت عنيدة مثلك تماما وفظة بعض الشيء أيضا. هذا كل ما في الأمر.
فيصل: هذا جيد! أراك غدا إذا.