جاسمين كمال 
3/23/23, 3:00 PM 
مازلنا في شهر مارس ومازلنا نحتفل بجميع النساء… لذا قررنا هذه المرة أن نلتقي بواحدة من النساء المؤثرات خلال السنوات الأخيرة، وهي جهاد حمدي، صاحبة ومؤسسة المبادرة النسوية غير الربحية “Speak Up” والتي من شأنها الدفاع عن جميع النساء ضحايا العنف بمختلف أشكاله. فجهاد صاحبة الـ ٢٨ لم تكتفي بكونها طبيبة، بل وجدت أن من شأنها الدفاع عن كل امرأة وأن تكون وسيلة لإيصال أصوات هؤلاء النساء اللاتي يتعرضن يوميًا وفي كل ساعة للعنف… لذا التقينا بها لتحدثنا عن رحلتها في إطلاق مبادرة “Speak Up” وعن التحديات التي واجهتها…
منصة Speak Up كانت لافتة للأنظار منذ البداية، حدثينا أكثر عنها، متى بدأت وما الذي دفعك لإطلاقها…
دعينا نعود للوراء ثلاثة أعوام تقريبًا وتحديدًا في ٦ يوليو 2020 عندما بدأ الناس (معظمهم من الرجال) يتحدثون عن العلاقة بين التحرش والملابس، والذي كان مزعجًا لي وللكثيرين إلى حد كبير، حينها كتبت منشورًا على حسابي الشخصي على فيس بوك أطلب من الناس مشاركة تجاربهم مع التحرش الجنسي لإثبات فشل هذه النظرية وأن التحرش لا علاقة له لا بملابس الفتاة كما يدعي البعض. وكانت المفاجأة!! لقد تلقيت الكثير من الرسائل والتعليقات التي تروي مواقف تعرض لها أصحابها، حتى وصل عددها لنحو أكثر من ٨٠٠٠ في يومين. شعر معظمهم بتحسن من خلال مشاركة قصصهم، لكن البعض الآخر احتاج إلى دعم نفسي أو مساعدة قانونية أو كليهما، لذلك طلبت من أصدقائي المساعدة ومن هنا كانت بداية سبيك Up الصفحة لمساعدة أي ضحية عنف.
- من متابعتي لـ “ Speak Up” أجد أنها ليست مجرد مبادرة جانبية، بل أعتقد أنك تخصصي الكثير من وقتك لزيادة الوعي. إذا كان الأمر كذلك، فكيف توازن بين مبادرة 'Speak Up' وباقية حياتك؟
بالفعل هذا صحيح، فكما ذكرتي “ Speak Up” ليس مجرد مبادرة جانبية، ولهذا السبب تحديدًا أجد الموازنة بينها وبين باقية حياتي شبه مستحيل. فأنا أحتاج أحيانًا إلى أخذ أيام إجازة من عملي، للعمل في قضايا محددة، مثل حالة مايكل فهمي، والتي أخذت فيها إجازة لمدة ٦ أشهر!
- لاحظنا أن معظم التدوينات إن لم تكن كلها، باللغة العربية، فهل يمكن أن توضح السبب؟
عندما أطقلنا منصة Speak Up كان التركيز على الجمهور المصري فقط، وهو بالفعل جمهورنا الحالي، لذا فضلنا أن تكون أغلب التدوينات باللغة العربية، ليكون تأثيرها أقوى وتكون أسهل بالنسبة للكثيرين، ففي النهاية نحن هدفنا رفع الوعي تجاه قضايا تخض كل فرد في المجتمع. ولكن بعد زيادة شريحة جمهورنا، فنحن نعمل على ترجمة التدوينات لنشرها باللغتين العربية والإنجليزية في المستقبل.
- يتطلب التعامل مع مبادرة نسوية لمكافحة السلوك العنيف، استقرار نفسي وذهني إلى حد كبير. هل يمكنك أن تتذكري أي موقف فرض عليك عبئًا ثقيلًا نفسيًا وذهنياً؟
أعتقد انه حتى اليوم كانت أسوأ قضية على الإطلاق، هي قضية مايكل فهمي! لقد كانت مليئة بالتعقيدات وكل تفصيلة فيها كانت ضاغطة على الأعصاب بشكل لا يمكن تصوره.
- نحن نتفهم مدى صعوبة مساعدة شخص تعرض للعنف. ردًا على مثل هذه الحالات، نود أن نعرف ما هي الإجراءات التي تتخذينها عندما يطلب شخص ما المساعدة؟
نحن لا نتعامل مع كل شيء دفعة واحدة، بل نقسم كل قضية إلى مراحل، أولًا نتعامل مع ضحايا العنف على المستوى النفسي، فنقدم لهم الدعم النفسي والمعنوي الذي يحتاجونه، ثم ننتقل إلى المرحلة التتالية، والتي نعرض عليهم الخيارات المطروحة أمامهم. ففي النهاية لا يمكننا اتخاذ خطوة أو اجراء بدون موافقة الشخص نفسه. أخيرًا، عندما نستقر على خيار معين، هنا نبدأ باتخاذ الإجراءات التي تخص ذلك الخيار وهكذا. فالأمر يتم على مراحل.
- كامرأة أطلقت مبادرة نسوية، هل واجهت أي رد فعل عنيف من الناس أو المجتمع؟
بالتأكيد! الإساءات لا تنتهي، ففي السابق مثلًا قام العديد من الأشخاص بتوجيه تهديدات وإهانات إلينا، كما تم تسريب معلوماتنا الشخصية، بما في ذلك أرقام الهواتف.
- هل أردت يومًا أن تتخلي عن مبادرة 'Speak Up'؟ إذا كان الأمر كذلك، لماذا؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي يجعلك تشعرين بمزيد من الشغف تجاه إكمال ما بدأتيه؟
نعم، لقد فكرت بالفعل في إيقاف مباردة Speak Up، والسبب ببساطة هو أن الأمر يتطلب الكثير من الوقت والجهد. نحن لسنا منظمة ممولة، وكل عملنا يتم على أساس تطوعي. أتذكر عدة مرات عندما أعود إلى المنزل من العمل، أقضي ٨ ساعات أخرى في الرد على مئات الرسائل ثم أتلقى رسالة أخرى تهاجمنا لعدم الرد عاجلاً أو عدم مناقشة حالة معينة. يكون الأمر محبطًا في بعض الأحيان. لكنني تعلمت مع مرور الوقت عدم أخذ الأمور على محمل شخصي والتركيز على ما أؤمن به. ساعدتني مساعدة الناس ورؤية كيف يمكننا تغيير الأشياء، مما جعلني أستمر طوال السنوات الثلاث الماضية.
- منذ إطلاق مبادرة Speak Up بالتأكيد، شاهدت العديد من النساء صحايا العنف، ولكن برأيك ما الشيء أو العامل المشترك بينهن جميعًا؟
الشيء أو العامل المشترك هو أن “العنف يمكن أن يحدث لأي امرأة، من أي طبقة اجتماعية، وفي أي مرحلة عمرية”، أيضًا هناك شيء آخر مشترك بين النساء ضحايا العنف وهو أن جميعهن يفتقدن وجود بيئة داعمة حولهن.
- بالحديث عن النساء ضحايا العنف، أيهما تفضلين أن تطلقي عليهم “ضحية” أم “ناجية”؟
نحن نستخدم الاثنين، والتفضيل بينهما لا يمكن أن يقتصر علينا فقط. فيجب أن نسأل المرأة صاحبة المشكلة بالأساس أيهما تفضل، هل تفضل أن نطلق عليها “ضحية" أم “ناجية”، هل بالفعل تخطت التجربة وانتقلت من مرحلة الضحية للناجية أم أنها مازالت هناك. كل هذه العوامل تؤثر على المصطلح الذي سنستخدمه مع كل امرأة تعرضت للعنف.
