ما الذي تواجهه المرأة المصرية بعد الطلاق؟ إذا سألت هذا السؤال لأي امرأة مصرية مطلقة، سترد عليك بابتسامة ساخرة مستنكرة سؤالك وربما تخبرك أنه من الجدير بك أن تسأل عن الأشياء التي لا تواجهها وليست التي تواجهها. فمن كثرة الأزمات التي تتعرض لها المطلقات، أصبح من الصعب سردها. فمن بإمكانه أن يعكس لك مدى الألم الذي يشعر به نتيجة تعرضه للظلم والابتزاز وضيع الحقوق وغيرها من الأشياء دفعة واحدة، لمجرد فقط أنه أراد أن ينهي رحلته مع شريكه!! لذا عندما وجدنا النجمة نيللي كريم تتحدث بلسان حال المطلقات في مسلسلها الرمضاني فاتن أمل حربي، وتسرد جميع الأزمات اللاتي تمر بها كل امرأة مصرية مطلقة، شعرنا وكأن هناك شعاع أمل، قد يكون قادر على إنصاف المرأة وتغيير الحال، فكم من قوانين تغيرت بسبب أعمال درامية، وربما يصبح هذا هو الحال نفسه مع قانون الأحوال الشخصية بعد هذا المسلسل.
ولكن إن كنت مازالت تتسائلين عما تتعرض له النساء المصريات المطلقات ولماذا نطالب بتعديل قانون الأحوال الشخصية، فدعيني أخبرك بقدر بسيط مما يتعرضن له...
من حقوق ضائعة لابتزاز.. نيللي كريم تناقش حال المرأة المصرية بعد الطلاق
١- ضياع الحقوق
بعد الطلاق، لا يمكن للمرأة أن تطالب بحقها أو نصيبها في أي شيء ساهمت بشرائه لزوجها، فمثلًا في مسلسل أمل فاتن حربي، رغم أنها هي من تحملت مسئولية شراء سيارة لزوجها ودفع أقساطها طوال مدة زواجها، إلا أنها بعد الطلاق لم تستطع الحصول عليها، نتيجة لعدم امتلاكها لأية أوراق تثبت ملكيتها لهذه السيارة. وهذا الأمر ينطبق على كافة الأشياء التي تساهم المرأة في بنائها مع الزوج ولكنها تسلب منها بعد الطلاق، لعدم وجود أوراق ملكية!
لماذا تستمر النساء في العلاقات المؤذية؟ المعالجة النفسية ياسمين عبد الرازق تجيب
٢- الامتناع عن مصاريف الأبناء
أسرع ما يقوم به الرجال بعد الطلاق، هو الامتناع عن مصروف الأبناء. ورغم أن القانون يلزمه بذلك، إلا أنه في العادة يحدث العكس، فيكون من الصعب إثبات دخل الرجل خاصة إذا كان يعمل حرًا أو بشركة خاصة. ففي الغالب تثبت الأوراق مبلغ دخل ضئيل للغاية، وبناء على ذلك يحكم للأبناء بمبلغ لا يكفي مصاريف أسبوع واحد. ليس هذا فقط، بل إن الزوج يذهب بعد ذلك ويستأنف ويطالب بتقليل نفقة الأبناء لأنه لا يقوى على دفعها. وبالتالي تتحمل المرأة عبء الإنفاق على الأبناء، وكأنهم مسئولون منها فقط.
٣- الولاية التعليمية
في الحلقة الأولى من مسلسل "أمل فاتن حربي"، تفاجأت بأن زوجها قام بتقديم طلب للمدرسة لنقل الأبناء إلى مدرسة أخرى، وهذا يعود لمبدأ أن الولاية التعليمية في يد الأب طالما أنه يتولى الإنفاق عليهم، وبناء عليه من السهل أن يقول أنه لا يقوى على دفع مصاريف هذه المدرسة. وفي يوم وليلة، يجد الأبناء أنفسهم يدفعون ثمن شيء لم يتسببوا به من الأساس.
وإذا أرادت المرأة إبقاء أبنائها في نفس المستوى التعليمي، فعليها أن تتولى مسئولية الولاية التعليمية ما يعني أنها يجب أن تنفق على تعليمهم، إذا أرادت الحفاظ على مستوى أبنائها التعليمي وصحتهم النفسية.
٤- الابتزاز
يواصل بعض الرجال ممارسة ابتزازهم عاطفيًا وماديًا للمرأة، كوسيلة للضغط عليها للعدول عن قرارها، وقد يكون الابتزاز عن طريق الأبناء كما ذكرنا بالأعلى، أو بطرق أخرى، مثلما حدث مع "فاتن" عندما قام بتحرير محضر ضدها يتهما بالسرقة، وتركها تعيش لحظات صعبة مع ابنتيها داخل القسم لساعات، إلى أن جاء بالنهاية للتنازل. ليخبرها أنها بدونه لا يمكن أن تفعل شيء!
٥- الاستيلاء على المنقولات المنزلية
بمنتهى البساطة يمكن أن يستولى الرجل على منقولات منزل الزوجية في غياب المرأة، وتركها تتفاجئ بالأمر عندما تعود. وفي هذه الحالة لا تجد أمامها حل سوى اللجوء للقضاء، وهو الأمر الذي تطول مدته حتى يتم الحكم. وفي الغالب، لن يتم إنصافها إذا كانت لا تملك أوراق مثبت فيها هذه المنقولات "قائمة الزواج".
لماذا تتأخر النساء في الحديث عن الاغتصاب الزوجي؟ معالجة نفسية تجيب
٦- الاستيلاء على منزل الزوجية
في مشهد قد يكون الأصعب بالنسبة لي، هي اللحظة التي عادت فيها "فاتن" برفقة ابنتيها إلى المنزل لتتفاجئ بوجود أشخاص آخرين بمنزلها. وتصبح مجبرة أن تبيت مع ابنتيها بالشارع!! ورغم أن الشقة من حق الزوج الحاضنة، إلا أنها لن تأخذها بهذه السهولة، بل أيضًا هذه القضايا تأخذ وقتًا طويلًا حتى يتم الحكم فيها.
٧- إنهاك المرأة قضائيًا
في إحدى المشاهد توجهت "فاتن" إلى محامي لطلب المساعدة، فأخبرها أنه في حالات الطلاق لابد أن يقوم أحد الطلرفين بإنهاك الآخر قضائيًا، بمعنى أنه يبدأ في رفع سلسلة من الدعاوى القضائية ضده لمنعه من ممارسة حياته اليومية، وهو ما يفعله العديد من الرجال مع النساء بعد الطلاق. فتكون هناك سلسلة من الدعاوى القضائية التي تستنزف المرأة ماديًا ومعنوياً.
وبالطبع لا يقتصر الأمر على هذه الأشياء التي سردها المسلسل فقط حتى الآن، فهناك العديد من الأشياء الأخرى التي ربما يسردها المسلسل في حلقاتها المقبلة، مثل:
٨- خطف الأبناء في بعض الحالات
للأسف بعد الطلاق يظل الخوف يرافق المرأة في كل لحظة، لأنها تعلم أنه يمكن لزوجها أن يخطف أبنائها بسهولة ولن تراهم ثانية. وكم من حالات وقصص سمعناها عن هذا الأمر، فبعد الطلاق يطلب الأب استضافة الأبناء ثم يقوم باحتجازهم لديه والسفر بهم أو تغيير محل الإقامة، لتبقى الأم دون معرفة مكان أبنائها.
٩- الحرمان من الأبناء تحت مسمى "الإهمال"
يكون من السهل جدًا أن يتهم الأب طليقته "الأم" بالإهمال وعدم تقديم الرعاية اللازمة لأبنائه في فترة حضانتها، في حال تعرض أحد الأبناء لحادث. وعلى الرغم أن الجميع معرضون لذلك بشكل يومي، إلا أن الأم تكون هنا المسئولة عن ذلك.
١٠- الحرمان من الأبناء في حال أرادت الزواج ثانية
يحكم على المرأة بعد الطلاق أن تعيش بمفردها طوال حياتها إذا أرادت الاحتفاظ بأبنائها، على عكس الرجل الذي يجد الحياة مفتوحة أمامه بعد الطلاق حتى وإن كان أبنائه برفقته، فيتزوج ثانية دون الخوف من أن يحرم من أبنائه مثلما يحدث مع الأم. أليس من حقها أن تتزوج ثانية وتحتفظ بأبنائها!
الآن، وعلى الرغم من بشاعة تلك الأشياء التي ذكرتها بالأعلى، إلا أنها لا تعبر سوى عن ١٪ فقط مما تواجه المطلقات المصريات على أرض الواقع بالفعل. كل ما يمكننا قوله وفعله، هو أن نتحدث دومًا وبصوت عالي ونرفض ما نتعرض له، آملين أننا سنحدث تغيير يومًا ما. فنحن كنساء إذا أردنا الطلاق هذا لا يعني أننا ارتكبنا ذنب ويجب أن نحاسب عليه... الطلاق حقًا لنا والحياة الآمنة لنا ولأبنائنا حق لنا أيضًا.