تتذكرون عندما حكيت لكم عن الوظيفة الجديدة الشاغرة؟ تقدمت لها في النهاية وقررت أن لا أفكر كثيرا في علاقتي مع عمرو. لتكون الأمور منصفة بيني وبين سحر، طلب عمرو أن تقوم كلا ما بإعداد عرض توضيحي. واجهت صعوبة شديدة في تحضيره على الرغم من تحمسي الشديد للتفوق والحصول على هذه الترقية. أعلم أني لم أكن متحمسة من قبل ولكن لسبب ما وجدت أن التركيز على حياتي المهنية هو الأفضل لي في الوقت الحالي.
أنا عادة ما أكون سريعة في تحضير هذا النوع من العروض وبشكل رائع أيضا، ولكن لسبب ما هذا العرض بالتحديد لم أتمكن من إعداده وكأن عقلي متوقف! لأكون صريحة فقد كنت مشغولة جدا بمشكلات دينا، فهي تمكث في منزلي منذ أسبوع. هل ستكون عدم مراعاة مني إذا قلت أني لم أتمكن من التركيز على أي شيء لأنها تبكي طوال اليوم؟ لا تسيئوا فهمي، فهي صديقتي المقربة جدا، ولكنها تحتاج الخروج من الشعور بالحزن هذا الآن. لقد حاولت كل شيء تقريبا معها، حتى إعطائها المساحة التي تحتاجها بمفردها ولكن لم يفلح شيء! مرور الوقت قد يساعد، وأعتقد أن حتى هذا الحين سأحاول أن أبذل كل ما في وسعي لمساعدتها. أتمنى فقط أن أحافظ على إيجابيتي المعتادة هكذا بعد مرور أسبوع أخر وهي تبكي طوال اليوم.
نعود مرة ثانية إلى العرض، فقد قضيت ما يقرب من أربع ساعات وأنا أحاول جاهدة لتحضير النسخة المبدئية وكانت النتيجة في غاية السوء. أنا لا ابالغ، فإن كنت في مكان عمرو لكنت أعطيت الوظيفة الجديدة لسحر. كيف بحق الجحيم يمكنني إخراج الإبداع بالقوة، والتي أتحلى بالكثير منها في الطبيعة؟ قررت تأجيل إنهاء العمل على العرض ليوم أخر، فمن الممكن أن يصبح أفضل قليلا.
طلب منا الذهاب للعمل يوم السبت فقد كان أمامنا الكثير من الأشياء التي علينا إنهائها وكان لابد لنا من العمل ساعات إضافية. كان المكتب خالي بعض الشيء وكان هناك فقط خمسة أفراد منن فريقي في العمل. كانت سحر تعمل على اللاب توب الخاص بها، وكان يبدو أنها منغمسة في العمل. هذا أثار الفضول عندي لأرى إن كانت تعمل على العرض الخاص بها أم شيئا أخر، فذهبت إليها وتظاهرت أني أسأل عن مشروع أخر، وفي الحال، أغلقت اللاب توب حتى لا أرى العرض الذي تعمل عليه. رأئع، هي تعمل بكفاءة أكثر مني بكثير، ما العمل؟ هل سأخسر أمام هذه الفتاة؟ لا، مستحيل!
المزيد من الضغط! كان أمامي يوم واحد فقط على موعد تقديم العرض وليس بيدي شيء لأقدمه. بعد قليل، ذهبت سحر وباقي المجموعة ليبتاعوا بعض الطعام للغذاء. عرضوا عليّ أن أذهب معهم ولكني تظاهرت أن أمامي الكثير من العمل الذي يجب عليّ إنهائه. كنت أعلم ما أنا على وشك فعله على الرغم من شعوري الداخلي كان يقول لي أن هذا خطا فادح وأنه يتناقض مع كل المبادئ التي أؤمن بها. على الرغم من كل هذا، لم أتوقف...
ذهبت إلى اللاب توب الخاص بسحر وفتحت العرض الذي كانت تعمل عليه. كنت محقة أنها أفضل مني، فقد حضرت عرضا جيدا جدا. كلما شعرت أنه حان الوقت لأغلقه فما أفعله غير مقبول على جميع الأصعدة، لم تتمكن يداي من التنفيذ واستمريت في القراءة أكثر وأكثر. يمكنكم أن تقولوا أني حفظت العرض عن ظهر قلب ولم أغلقه إلا عندما سمعت خطوات أقدام.
كنت أشعر بالذنب جدا طوال اليوم ولم أحتمل رؤية سحر على الإطلاق، ولكن صوت صغير بداخلي بدأ يستلهم الأفكار لتحضير عرض أفضل منها بكثير. حاولت كبت الشعور بالذنب وحاولت تركيز إنتباهي على إعداد عرض افضل من سحر وذكر النقاط التي أغفلتها هي.
عندما عدت للمنزل، وضعت السماعات في أذني وبدأت أكتب. لاحظت أن دينا كانت تحاول لفت إنتباهي فقد كانت تريد التحدث معي عن شيء يؤرقها ولكني حاولت التظاهر أني مستغرقة في العمل وهو ما كان حقيقي نوعا ما.
دينا: لوسي، عندما يكون لديك وقت قولي لي من فضلك.
أنا: بالطبع، بمجرد إنتهائي سأقول لك.
دينا: رائع! هل يمكنك أن لا تتأخري؟
أنا: بالتأكيد حبيبتي.
أخذت أكمل عملي وفي وقت ما، أستغرقت دينا في النوم، يمكنني إذا التحدث معها غدا بعد العرض. أنتهيت من إعداد عرض قوي جدا ونمت بعدها، وعندما استيقظت في الصباح كنت نشيطة جدا وأشعر بالقوة.
كان دور سحر ليرى عمرو العرض الذي أعدته وإستغرقت حوالي نصف ساعة. كنت أنا التالية ولسبب ما لم أشعر بالتوتر على الإطلاق، لا أعلم كيف تمكنت من كبت الشعور بالذنب بسبب ما فعلته مع سحر. قد يكون عقلي الباطن يبرر أفعالي بسبب كل التعاملات المسيئة التي كانت تقوم بها معي، ولكن إذا أردت أن أكون صريحة مع نفسي، فهذا يمثل نقطة إنحطاط لي!
تركني عمرو حتى أنهيت العرض دون أن يقاطعني كما يفعل دائما.
عمرو: حسنا يا لوسي، هذا العرض حقا رائع. إن لم أكن أعلم أفضل من هذا لكنت قالت لك أن عملك كان لا مثيل له.
أنا: ماذا؟ لا أفهم ماذا تقصد...
عمرو: في الحقيقة، فأنا رأيتك أمس تفعلين شيئا ما على اللاب توب الخاص بسحر، وصححي لي إن كنت مخطئ، ولكني لا أعتقد أنك كنت تتركي لها رسالة غرامية.
أنا: هممم، نعم.
عمرو: كوني صريحة معي، ماذا كنت تفعلين على اللاب توب؟
صمت، فلم أعلم ماذا أقول له، بدأت أشعر بإضطراب في معدتي وإستوعبت حقا أن ما فعلته كان خطأ فادح. لم أتمكن حتى من النظر إليه مباشرة.
عمرو: أنا أنتظر ردك...
أنا: كنت أنظر إلى العرض الذي أعدته.
عمرو: لقد خاب أملي بك حقا! لطالما كان رأيي فيك جيدا جدا وأنا أتحدث على الصعيد الشخصي وليس المهني. أنت أنزلت من نفسك كثيرا، أنا حتى لا أتوقع مثل هذا التصرف من سحر.
أنا: أنا حقا لا أعلم ماذا أقول، فقد خاب أملي بنفسي أيضا. كل ما في الأمر هو أني لم أتمكن من التركيز وكنت أفتقد الإبداع الذي أتحلى به دائما. هذه الوظيفة الجديدة تعني الكثير بالنسبة لي وكنت أريد التأكد من حصولي عليها. أنا لم يكن عليّ أن أفعل مثل هذا الفعل أبدا وسأتفهم جدا إذا إتخذت أي تصرف تجاهي بسببه.
نظر عمرو إليّ لفترة وللحظات شعرت أنه سيطلب مني الخروج من المكتب ولكنه سألني بهدوء: "لماذا تفتقدين التركيز والإبداع؟"
أنا: لا يهم الآن، الشيء الأهم هو شعوري بالأسف الشديد. حقا أعنيها!
عمرو: لا يهم، أريد أن أعرف أسبابك.
فكرت إن كان يجب عليّ أن أقول له عما حدث مع دينا أم لا وقررت في النهاية أن أقول كل شيء. حكيت له كل التفاصيل وفي غضون دقائق تحول من مديري إلى صديقي. كنت مستاءة جدا من نفسي منذ أمس، بداية من رؤية عرض سحر وحتى مسكنتي أمام عمرو لأحاول أن أجعله لينا معي وأخيرا عدم حفاظي على سر دينا. أنا أعلم أن عمرو لا يعرفها جيدا، فهو رآها مرات قليلة جدا، ولكن من ناحية أخرى هي جعلتني أعدها مرارا وتكرارا أني لن أقول لأحد عما تمر به لأنها تشعر بالخجل والحزن بسبب هذا الأمر. أنا حتى لم أحافظ على وعدي.
مر اليوم السيء وفي نهايته إتصل بي عمرو ليقول لي أنه قرر إعطائي فرصة أخرى لعمل عرض جديد بفكرة جديدة. الحمد لله أنه أعطاني هذه الفرصة الثانية، هو إنسان طيب جدا، فأي شخص أخر لكان طردني من العمل. كرمه تجاهي كان بمثابة جرس الإنتباه بالنسبة لي لأبدأ بالتصرف مثل البالغين، كما يجب أن أكون.
عمرو: هذا لا يعني أن أملي بك لم يخيب، ولكن لا تقلقي لن يمكث هكذا طويلا.
أنا: أشكرك جدا يا عمرو، أنت لا تعلم كم يعني هذا لي.
قررت أن أعمل في المكتب لفترة أطول اليوم بدلا من الذهاب للمنزل ومواجهة دينا، فأنا حزينة ومستاءة من نفسي كثيرا ولن أتمكن من محاولة أسعادها.
يبدو أني عملت لمدة ثلاث ساعات متواصلة دون أن أشعر، لم أنتبه إلى الساعة سوى عندما رن هاتفي.
دينا: متى ستعودين إلى المنزل؟ أريد التحدث معك.
أنا: أنا أوضب أشيائي وسأنصرف من المكتب بعد قليل. هل أنت بخير؟
دينا: سنتحدث عندما تعودين.
في المنزل كانت دينا تشاهد التلفزيون وهي مستلقية على الأريكة، لم تنظر حتى إليّ مما يعني أنها غاضبة مني. ماذا الآن؟ ماذا فعلت لأثير إستيائها؟ أعترف أني تجاهلتها قليلا.
دينا: خمني قابلت من اليوم؟
أنا: ياااه أخيرا خرجت من المنزل؟
دينا: نعم، ذهبت لأبتاع بعض الطلبات لوالدتك.
أنا: هذا رائع، أنا سعيدة أنك تعاملتي أخيرا مع العالم الخارجي؟
دينا: لوسي، أنا أتحدث جديا الآن، خمني قابلت من؟ هو وسيم ويبدأ اسمه بحرف العين.
أنا: من؟ عمرو؟
دينا: نعم، الآن خمني ماذا قال لي؟
أنا: دينا، كفي عن الألغاز وقولي لي مباشرة، أنا أمر بيوم صعب اليوم.
دينا: حسنا، كما تريدين. سألني عمرو كيف حالي وإن كنت أحاول التكيف مع كل ما يحدث معي. السؤال الآن هو لماذا بحق الجحيم قلت له يا لوسي؟ لقد وعدتي أنك لن تقولي لأحد على الإطلاق سوى والديك.
أنا: أنا حقا لم أقل لأحد، حتى حبيبة ومنى على الرغم من سؤالهم المتواصل عما يحدث معك ولماذا اختفيت.
دينا: هذا ما اتفقنا عليه، ولكن لماذا حكيتي لعمرو؟
في هذه اللحظة قلت شيئا ما كان عليّ قوله، ولكنه خرج من فمي دون تفكير...
أنا: كنت مضطرة لشرح له أسباب عدم تركيزي لأتمكن من إعداد عرض جيد.
دينا: إذا فأنا أصبحت عبء عليك الآن؟ وجودي هنا هو السبب في عدم تركيزك؟ من فضلك اشرحي لي كيف هذا وأنت تتجنبيني هذه الأيام الماضية.
أنا: لم أعني هذا، بالطبع أنت لست عبء ولكن لأكون صريحة فأنا حقا لا أستطيع التركيز مؤخرا، أنا أسفة أني قلت لعمرو.
دينا: مما يعني أني عبء. على العموم فأنا سأخلصك من هذا العبء قريبا! سأتصل بأبي وأجعله يصطحبني بعد قليل. سأرحل من هنا حتى تتمكني من إستعادة تركيزك.
أنا: لا، انتظري! ألا تعتقدين أنك تضخمين الأمر؟ لقد قلت أني أسفة وأنت تعلمين أني حقا نادمة.
دينا: لا أنا لا أضخم الأمر، فإن كنت تحاولين إيجاد الوقت لي وعدم التظاهر بأنك تعملين، لكنت عرفتي السبب وراء حساسيتي الزائدة اليومين الماضيين!
لم أتمكن من إقناع دينا بالمكوث معي، فقد كانت غاضبة جدا مني. مرة أخرى خيبت أمل أحد بي. على هذا اليوم أن ينتهي بأي شكل...