هي عنيدة. كانت وستظل عنيدة! عندما تضع شيئا في ذهنها فلا مجال على الإطلاق لتغيير رأيها. عن من أتحدث؟ لا أحد سوى أعز صديقاتي دينا. تتذكرون عندما قلت لكم أني سأحكي لكم المزيد عن قصتها مع حبيبها السابق حسين؟ هذا ما سأفعله الآن.
اتصلت بي منذ بضعة أيام لتقول لي أنه كان يبعث لها الرسائل النصية مرة ثانية، أو بمعني أدق كان يغمرها بالرسائل والمكالمات. لا أعلم ما الذي سيقوله لها فقد انتهت علاقتهما منذ زمن بعيد. أما عن إن كانت قد نسيته تماما أم لا، فأنا أشك في هذا. تعلمون أن هذا الألم لا يختفي بالكامل حتى وإن قمت بكل ما في وسعك لإخفائه ولكنه قد يظهر في بعض الأحيان. هو يظهر في الأشياء الصغيرة، كيف تتعامل مع أمور حياتها أو حتى رؤيتها الجديدة للحياة. كلما سمعتُ اسم حسين أستعيد الكثير من الذكريات، ولكن هذه المرة عندما تحدثت معي دينا عنه تذكرت اليوم الذي ظنت فيه دينا أنها ستكون سعيدة عندما تكون حرة من الإرتباط بأي علاقة عاطفية جادة أو كما قالته بلسانها.
في البداية تقوقعت في عالمها الخاص، فأنتم تعرفون المراحل المعتادة
للإنفصال. الصدمة، الغضب، الاكتئاب، الإنكار ثم التغيير. السبب الذي جعلني أذكرهم
بهذا الترتيب، هو أن هذا بالتحديد الذي مرت به دينا. نعود مرة ثانية لجانبها العنيد
عندما توقعت أنها من الممكن حقا من أن تتحول إلى شخصية مختلفة تماما، أي شخصية آكلة الرجال التي هي
عليها الآن. لم يتوقع أحد أنها ستتمكن من فعل هذا، فأنا أتذكر هذا اليوم بوضوح. كنا
جالسين جميعنا في كافيه قريب من منزلي (أنا، منى، حبيبة وبيلي) ولم نتوقع أن تنضم
دينا لنا فقد كانت تمر بتغيرات شديدة في حالتها المزاجية ولم تكن مهتمة برؤية أحد
في أغلب الأحيان. دخلت مسرعة للمكان وهي تقول: "هذه هي النهاية... لقد وصلت
أخيرا لقرار."
أنا: يمكنك إلقاء التحية أولا، فلم نراك منذ مدة كبيرة.
دينا: نعم صحيح، هاي يا شباب، وحشتوني.
بيلي: أنت أيضا حبيبتي. كيف حالك؟
دينا: يجب أن يكف الجميع عن سؤالي هذا السؤال. أنا بخير!
أنا: نعلم أنك بخير، هو فقط سؤال صغير...
دينا: آسفة، فالهرمونات تجعلني عصبية في بعض الأحيان. والآن ماذا كنت أقول؟
حبيبة: قلت أنك أخيرا إتخذت قرار. ما هو؟
دينا: أنا لا أؤمن بالزواج أو أي نوع من أنواع العلاقات الجدية بعد الآن.
بيلي: هذا طبيعي بعد ما مررتِ به.
دينا: لا تعاملني وكأني زجاج على وشك الإنكسار. أنا أعني ما أقوله!
منى: هل إقترب موعد دورتك الشهرية؟
دينا: لا. أنا أفكر في هذا الأمر منذ وقت طويل. لماذا أعطي اهتمامي الكامل لشخص واحد فقط وبإمكاني أن أمرح مع أخرين كثيرين؟
بيلي: حددي معنى "أمرح". أنت تعلمين أن لديك سمعة تحافظين عليها، أليس كذلك؟
دينا: انسى هذا الكلام عن السمعة، فلا أحد يتحدث بالسوء عن الرجل الذي يواعد فتيات كثيرة فلما قد أكون أنا (كامرأة) مختلفة؟
أنا: لديك وجهة نظر. بيلي أنت لست متشدد هكذا، ماذا جرى لك؟
بيلي: أنا فقط لست متأكد أنها تستطيع فعل ما تقوله.
دينا: بالتأكيد أستطيع. لماذا تقول هذا؟
بيلي: أنا أعرفك جيدا! أنت إنسانة طيبة وعادة ما تقعين في حب الرجل الخاطئ لأنك لا ترين سوى الجانب الجيد. أنت أيضا شاعرية جدا ولهذا السبب أسلوب المرح غير الجاد ليس لك. هذا رأيي!
هنا ظهر جانبها العنيد وصراحة لا أعتقد أنه رحل منذ ذلك الحين، وكأنها تريد إثبات شيئا لنفسها، لنا ولباقي العالم. الوقت لا يداوي الجراح في كل الأوقات كما يقول البعض، فأحيانا ما تمرون به يغيركم كثيرا كما حدث مع دينا.
استرجع أيضا بعد أشهر قليلة من لقائنا بها في الكافيه وأتذكر محادثة دارت بيني وبينها على الهاتف عندما أخبرتني عن رجل جديد تواعده. ادعت أنها لا تشعر تجاهه بأي ارتباط حتى أنها ليست معجبة به كثيرا، ولكني كنت متأكدة أنها بدأت تقع في غرامه. يمكنك دائما معرفة إن كان الشخص الذي أمامك يتحدث عن أحد بشغف أم لا وهي كانت كذلك. وعندما اكتشفت أخيرا أنها تكن شعورا تجاه هذا الرجل، بدأت تنتقد كل شيء صغير وتسلط الضوء على كل العيوب وكأنها تشبهه بطريقة ما بحبيبها السابق حسين.
أنا: دينا، لماذا لا تتقبلي الرجل كما هو؟ هو ليس المسئول عما فعله حسين بكِ.
كان هذا سؤال لم أتلقى له جواب مباشر، بل استمرت تعاملني بجفاء لبضعة أيام لاحقة. في هذا الوقت أدركت أنها مازالت تمر بمرحلة الإنكار. هل خرجت منها؟ استمروا في القراءة وستعرفون متى وصلت لمرحلة التغيير.
بدأ الأمر بنمط محدد مع دينا حيث تبدأ بمواعدة أحد، تكتشف تولد مشاعر لديها تجاهه وتفهم أنها فشلت مرة أخرى في الإبتعاد عن الجدية ثم تصاب بالذعر وتتركه. هذا ما كان يحدث في البداية! أخذت الأمور تتغير بعد حوالي ثمان أشهر من المواعدات المتتالية. ففي وقت ما استطاعت التحكم في مشاعرها، قل اهتمامها بهم وزاد اهتمامها بنفسها. أتذكر أنها اتصلت ببيلي مرة وقالت له شيء مثل "قلت لك، أخيرا تمكنت من فعلها."
لم يكن بيلي سعيدا لها، وبكل صراحة لم يكن أحدا منا سعيدا ولكننا تعلمنا أن نسير مع التيار وأن هذه كانت طريقتها الخاصة للتأقلم مع التغيير الذي طرأ على حياتها فمن نحن لنحكم عليها؟
الآن وبعد أن مرت سنوات عديدة، لا تزال دينا الفتاة اللعوب التي أصبحت عليها الآن وكنا جميعنا قلقون ألا تخرج من هذه المرحلة في القريب العاجل. أردنا أن تفوق مما هي فيه ولكننا فشلنا فشل ذريع كلما تحدثنا معها في هذا الأمر. كنا نظن أنها تحب هذا الوضع حتى كلمتني منذ بضع أسابيع لتخبرتي عن حبيبها السابق حسين الذي يظل يتصل بها.
دينا: طلب أن نخرج ليتحدث معي كشخصين بالغين وأراد أن يعتذر لي للمرة الأخيرة.
أنا: وماذا قلت له؟ هل قلت له أن يغور بعيدا عنك؟
دينا: في الحقيقة لا! وافقت أن أقابله.
أنا: لماذا؟؟؟
دينا: اكتشفت منذ وقت قريب أنني لم أنهي الموضوع كما يجب ولهذا مررت بالتحديد من مراحل الإنكار والاختباء وراء الجدران التي بنيتها لنفسي حتى أشعر بالأمان.
أنا: إذا ماذا حدث عندما رأيتيه؟
دينا: لا شيء، فقط تحدثنا كفردين راشدين وظل يعتذر لي وقال أنه يريد العودة إليّ ولكنه لا يملك الحق لسؤالي عن شيء كهذا. هو ترك زوجته منذ بضعة أشهر لأنها كانت تسعى للمال واكتشف أني كنت الوحيدة التي حملت له الاحترام والتقدير واهتممت به حقا دونا عن كل النساء اللاتي واعدهن.
أنا: أرجوك قولي لي أنك لم تصدقي هذا الكلام. أنت تعرفين كيف يتمكن من التلاعب بالآخرين، هل تتذكرين؟
دينا: لوسي أنا لست غبية! أعرف كل هذا جيدا، أنا فقط أقول لك ما قاله.
أنا: الحمد لله، كنت سأصاب بأزمة قلبية صغيرة لأني توقعت أنك ستقولين لي أنك صدقتي هذا الهراء.
دينا: بطريقة ما صدقت.
أنا: كيف؟
دينا: وأنا جالسة معه اكتشفت أن هناك شيء هام ينقصني. أريد أن أستعيد المشاعر التي كنت أشعر بها تجاهه ولكن مع شخص آخر. خلال الأعوام القليلة الماضية، لم أكن مشاعر حقيقية لأحد، على الإطلاق. أعتقد أني قد أندم على ما سوف أقوله لك الآن، ولكني أعتقد أني أخيرا مستعدة للدخول في علاقة جادة يا لوسي.
أخيرا! أخيرا تخطت مرحلة التغيير. كم من الوقت استغرقت؟ خمس سنوات؟ أم كانوا سبع، قد يكون أقل. لا أعلم تحديدا كم استغرقت ولكنها كانت طويلة بما يزيد عن اللزوم. شعرت بشرارة سعادة صغيرة بداخلي.
أنا: لقد بدأت المهمة! سأدبر لقاء لك مع أحد أصدقاء عمرو هاهاهاها
دينا: أنت لم تقولي هذا! سأعيد صياغة ما قلته. أنا لست أبحث عن لقاء مدبر وإنما كل ما قلته هو أني مستعدة أخيرا للدخول في علاقة جادة مع أحد، سواء قابلت هذا الرجل الآن أو حتى بعد سنة أو اثنين من الآن. وأعتقد أني اكتفيت من العلاقات العابرة على الرغم من أنها كانت مثيرة وممتعة...