من الغريب أن تتمكني بكل سهولة من معرفة ما إن كان الشاب معجبا بفتاة أم لا ولكن يصعب عليك اكتشاف ما إن كان معجبا بك أم لا. قد تكمن المشكلة فينا كنساء لأننا نحب التفكير بشكل زائد في الأمور وهو ما يتسبب في أغلب المشاكل. نأخذ موقف واحد فقط صغير ونحوله لقصة كاملة في أذهاننا، من الطريقة التي ينظر بها إليك، وحتى المجاملات البسيطة التي قد يقولها.
أنا امرأة تحب نفسها بالطبع ومثلي مثل أي فتاة أخرى ينطلق عقلي ليزيد من حجم شيء ما فينتهي بي الحال واقعة في مشكلة. هذا المقال، سيكون محوره جوي (الرجل الذي قابلته على الطائرة) الذي ازدادت ثقتي به سريعا.
عندما تمرين بالكثير من العلاقات العاطفية الفاشلة، تبدأين إحاطة نفسك بجدار لا يستطيع أحد تخطيه بسهولة، ولكن عندما يتمكن رجل محدد من كسره، حينها تعم الفوضى. لا تسألوني لما قررت أن أتعامل معه بهذا الانفتاح، ولكني تمكنت من التصرف على حريتي معه وأريه كل جوانب شخصيتي حتى الغريب منها.
ما بدأ بمقابلة شخص بطريقة عشوائية تحول إلى صداقة قوية، عرفته بأقرب صديقة لي، دينا، وتطورت الأمور حتى أصبحنا نتقابل يوميا. لم أدرك ما كان يحدث حتى حدث! تتساءلون ما الذي حدث؟ الإجابة هي أني وقعت في غرامه. هو وسيم، ذكي، طموح، ولديه كثير من الخصال الأخرى التي أحبها في الرجال ولم أجدها. قراري للانتقال إلى دبي كان مرتبط جزئيا به، بنسبة صغيرة، ولكن على الأقل بإمكاني أن أكون صريحة معكم هنا لأقر بهذا الأمر. لم أكن أنا فقط من تعلق به ولكن هو أيضا. بدأت كشف طبقات جديدة في شخصيته وأصبحت أعرف تقريبا كل شيء عنه، فبدأ يحدثني عن أصغر التفاصيل عن عائلته، علاقاته السابقة، العمل، وكل ما يمكنكم تخيله. حينها تمكنت من رؤية ما كان يحدث لي ولكني لم أريد التوقف. كان شعور جيد أن يكون حولي شخص محترم وليس **** بإمكاني التوكل عليه. هو الأفضل من بين كل الشخصيات التي عرفتها على الإطلاق، يساعد الآخرين قدر الإمكان ويوفر الدعم لهم دائما وأفضل ما فيه هو أنه ليس متكبرا بل هو متواضع جدا. هل وقعتم في حبه أيضا أم كنت أنا الوحيدة؟
من جهة أخرى، كان هناك شيء آخر لم أتوقعه، وهو أن دينا بدأت تحبه أيضا. دينا دون الكل! لأكون صريحة، أنا لم أقول شيئا عن مشاعري لها ولكنها أفضل من يعرفني وكان يجب عليها أن تلاحظ بنفسها. هي لم تنطق بكلمة أيضا، خاصة وأنها لا تحب أن تظهر مشاعرها كثيرا ولهذا كان من الصعب عليَ أن أعرف. كان لدي شك بسيط أنها معجبة به ولكن رغبتي في الإنكار جعلتني أتجاهل هذا الشك وأركز على نفسي.
مرت عدة أسابيع وأصبحنا نتحدث بشكل يومي أنا وجوي، لساعات متواصلة، نتسامر، نتقابل، نضحك على أشياء تافهة، فهمني جدا وأنا أيضا فهمته. هنا بدأت الأمور تصبح معقدة. عندما تتعلقين بأحد لهذه الدرجة دون أن يكون محددا أنك في دائرة الأصدقاء بالنسبة له، تصبحين في حيرة من موقفه تجاهك. دعوني أحاول إدخالكم في رأسي لتفهموا أكثر كيف أرى الأمور. بالنسبة لي هناك دائرة الحب والغرام والتي أطلق عليها المنطقة البيضاء، وهناك دائرة الأصدقاء والتي أطلق عليها المنطقة السوداء. أما الوقوع في المنطقة الرمادية التي تتوسطهم وعدم معرفتك موقفك تحديدا هو أسوء شعور على الإطلاق. بدأت أخطو في المنطقة الرمادية المجهولة هذه يوما بعد يوم حتى تمكنت مني أكثر فأكثر. أصبحت أصاب بتقلبات مزاجية، في لحظة أكون متلهفة للتحدث معه وفي اللحظة التالية أحاول تجاهله ولكن بمجرد أن يبعث لي رسالة أو يتصل بي ترتسم ابتسامة عريضة على وجهي بعد أن كنت عابسة. كنت واقعة في مشكلة جمة! مرة أخرى كنت أعلم تماما ما أنا مقبلة عليه ولكني استمريت في السير كالمغفلة.
دينا: ماذا بك يا لوسي؟
أنا: ماذا تقصدين؟
دينا: أشعر أنك حزينة في الأونة الأخيرة. تذكري دائما أني أفضل من يفهمك. قولي لي ماذا يحدث؟
أنا: لست متأكدة... أمر بمرحلة غريبة. أكره الشعور بأني لا أعلم شيئا، أكره المناطق الرمادية وأكره عدم القدرة على فهم أحد أو قراءة ما يدور في ذهنه جيدا.
دينا: عن من نتحدث الآن؟ لا أفهم مقصدك.
أنا: لا يهم، فأعتقد أني سأتجاهله على كل حال.
دينا: لماذا؟ هيا قولي لي! لماذا يصعب عليك التحدث هذه المرة؟
أنا: لا أريد الحديث عن هذا الأمر الآن، هل يمكن أن نؤجلها للاحقا؟ من فضلك؟
دينا: بالتأكيد، ولكن دعيني فقط أقول لك شيئا واحدا. إن لم تتحدثي، لن يعلم أحد ما يدور في رأسك وحينها ستظلين في نفس المكان بهذه التقلبات المزاجية. هل أنت متأكدة أنها ليست بسبب الدورة الشهرية؟
نظرت لها بحاجب مرفوع ولكني لم أجيبها. في داخلي كنت أعرف أنها محقة فيما قالته، فالصراحة دائما هي أفضل طريق. هذا شيء تعلمته مما سبق. لم أشعر برغبة في التحدث معها عن هذا الأمر، من ناحية لأني لم أكن مستعدة بعد أن يعرف أحد ما أفكر فيه ومن ناحية أخرى لأني لم أكن أريد مواجهة الحقيقة، أن كلتانا أعجبنا بنفس الشخص (من المحتمل).
بعد بضعة أيام، استيقظت بالقرار أني سأتخلى عن الموضوع تماما، سأتراجع قليلا وأنتظر حتى أتخلص من هذه المشاعر وأحولها إلى مشاعر صداقة حقيقية ثم حينها سأعود لأقابل جوي وأتحدث معه مرة ثانية. يرن هاتفي وأسمع من خلاله هذا الصوت المألوف الدافئ وتبدأ حينها مشاعري بالتلاعب بي، من قبيل السماء السابعة، تفهمون ما أقصد بالطبع.
أنا: هاي، كيف حالك؟
جوي: بأفضل حال! أين كنت هذه الفترة؟ اشتقت إليك!
أنا: حقا؟
جوي: أكيد، لا أقبل أن تختفي تماما لمدة يومين هكذا هيهيهي
أنا: كنت بحاجة لتولي أمر ما.
جوي: يكفي هذه الدراما! لنتقابل اليوم، هل أنت مشغولة؟
أنا: لا، لنتقابل.
فكرت في إخبار دينا لتنضم لنا ولكني تراجعت. كنت أكسر قراري بالابتعاد ولكني فكرت لما لا أحاول اليوم، إن تمكنت من التعامل معه كصديق فالأمور ستصبح أفضل بالنسبة لي واحدة تلو الأخرى.
عدت الساعات وحان الوقت لأستعد لمقابلة جوي. كنت سأرتدي بنطلون جينز وتي شيرت واسع لأثبت لنفسي أني لم أعد أهتم لهذه الدرجة، ولكن دون أن ألاحظ، شيء ما تملكني وبدأت أحاول في أن أجعل مظهري أكثر جمالا. مر علي بسيارته ولم أتمكن من فعل شي سوى المكوث صامتة تماما.
جوي: هل أنت بخير؟
أنا: نعم أنا بخير.
جوي: كلنا نعرف أن كلمة "بخير" في قاموس المرأة يعني أنك لست بخير، أنا أعرفك جيدا.
أنا: ثق بي بي أنا بخير.
جوي: حسنا كما تحبين. أنت تعلمين أني أكره الدراما. وأعلم أنك ستقولين لي عندما تكوني مستعدة فلن أضغط عليك أو أجعلك تشعرين بعدم ارتياح.
نظرت إليه وكنت على وشك النطق بشيء غبي جدا ولكنه بدأ الحديث عن عمله والحمد لله كانت هذه إشارة لي لأتوقف. ذهبنا لمطعم رقيق وبينما كان يتحدث لم أتمالك سوى الدخول في عالم أحلام اليقظة وكانت أفكار كثيرة تدور في ذهني. كفى يا لوسي! أتمنى لو أن هناك زرار لتشغيل وإيقاف أفكاري، لكانت الحياة أسهل بكثير!
ظل زرار التشغيل الخاص بي مفتوحا ليضغط علي حتى حدث شيء غبي.
أنا: جوي، أريد أن أقول لك شيئا.
جوي: أخيرا ستتحدثين. كنت أعلم أنك ستخبريني، كنت فقط تحتاجين مني أن أشعرك بالملل بكل هذا الحديث أولا. ماذا تريدين قوله؟
أنا: أنا معجبة بك!
جوي: أنا معجب بك أيضا، أنت تعلمين هذا.
أنا: لا أقصد كأصدقاء وحسب، بل أنا معجبة بك. هل تفهم قصدي؟
مرت لحظة صمت... ماذا فعلت؟ جزء مني كان قلق من رد فعله والجزء الأخر كان مرتاحا لأني لم أتمكن من التكتم أكثر من هذا. لم أتمكن!
جوي: لوسي، لا أعلم ماذا أقول! حقا لم أتوقع أنك تكني لي مثل هذه المشاعر.
(لحظة صمت أخرى)
أنا: هل هذا كل ما ستقوله؟
جوي: لا بالطبع لا. أنا فقط أبحث عن الكلام الذي يجب أن أقوله.
أنا: أنت لست بحاجة لتجميل الكلمات، بل تحدث بصراحة مطلقة، من فضلك.
جوي: بالطبع لا، أنا فقط أبحث عن الكلمات الصحيحة.
جوي: أنت تعنين الكثير لي، ولكن ليس بالمفهوم الرومانسي. في وقت قصير تمكنت من معرفة كل شيء عني وأنا أثق بك كثيرا، ولكني كنت أفكر أني أخيرا عثرت على صديقة أستطيع الاعتماد عليها. أتمنى أن ما سأقوله لن يجعل العلاقة غريبة بيننا أكثر من هذا. هل تعديني؟
أنا: لا أستطيع أن أعدك قبل أن أسمع.
جوي: حسنا. طلبت أمس من دينا أن نخرج في موعد غرامي وكنت سأقول لك.
أنا: تبا! حقا فعلت ذلك؟
أومأ برأسه. ابتسمت ابتسامة صفراء. ماذا الآن يا لوسي؟ كنت أبحث عن الكلمات التي يمكن أن أقولها هنا ولكني لم أجدها.
جوي: هل تعتقدي أن كلانا سنكون بخير؟
أنا: أتمنى هذا. أنا فعلا سعيدة بوجودك في حياتي ولكن هل يمكنك تخيل كيف أن هذا الموقف غير مريح على الإطلاق بالنسبة لي؟
جوي: أعلم، ولكني سأقلل هذا الشعور فقط لأثبت لك أهميتك بالنسبة لي. لن أقابل دينا.
أنا: لاااااا! لا تفعل هذا، فنحن لا نريد أن يصبح هناك قلبين مكسورين. أليس كذلك؟
تمكنت من رسم ابتسامة زائفة. على الأقل لم أعد في المنطقة الرمادية. على الأقل أنا أعرف الموقف...