أمي: هل طبعت تذكرتك؟
أنا: لا أحتاج لطباعتها، فهم يستعلمون فقط عن الاسم.
أمي: هل ارسلت لي حجز الفندق؟
أنا: نعم، ستجدينه في الإيميل.
أمي: أعتقد أني نسيت كلمة السر. هل تتذكرينها؟
أنا: لماذا قد أتذكر كلمة السر الخاصة بك؟ لا تقلقي، سأعرفك أخباري أولا بأول. تمني لي حظا سعيدا!
وبهذا خرجت مسرعة من السيارة، أخذت حقائبي ودخلت المطار. كنت أشعر بإحساس غريب في داخلي، ما بين التحمس والخوف. فأنا في الغالب أغير حياتي بشكل جذري دون أن أتأكد إن كنت مستعدة أم لا.
انتهيت من إجراءات السفر ثم جلست في ساحة انتظار الدرجة الأولى، نعم دللت نفسي وحجزت تذكرة درجة أولى لأن الحياة قصيرة جدا. عندما أعلنوا عن رحلتي اتجهت للبوابة وبعد قليل كنت على متن الطائرة.
هل راودتك من قبل شعور بالرغبة عند ركوب طائرة بأن يأتي رجل وسيم ليجلس بجانبك وتتبادلن الحديث فتجدين أنه شخصية مثيرة للانتباه جدا؟ أنا أيضا أتخيل هذا الموقف وكلما مر رجل جذاب، كنت أتطلع لأرى إن كان سيجلس في المقعد الذي بجانبي أم لا. في هذه اللحظة أدركت أني لم أعد في علاقة وأنه لا مانع من التعارف على أشخاص جدد ولكن هل تعتقدون أنه لا يزال الوقت مبكرا؟ ما الفارق؟ فمحادثة ممتعة مع رجل وسيم لن تضر أحدا!
كنت أتصفح موقع انستجرام لبضع دقائق وعندما رفعت عيني وجدت بجانبي رجل في غاية الوسامة ولم أستطع أن أمنع نفسي من النظر إليه والابتسام فوجدته يرد بابتسامة. رائع! يبدو أنها ستكون رحلة ممتعة. شعره الأسود وعينيه العسليتين كانا المزيج الأمثل بالنسبة لي. الآن كيف أبدأ التحدث معه؟ أخذت أفكر في الأشياء التي يمكنني التحدث فيها معه ولكني لم أجد وكلما فكرت في موضوع أغير رأيي مرة ثانية لأني كنت أراها مواضيع تافهة.
لم نبدأ التحدث سوى عندما قدموا لنا الطعام وكان جادا جدا مما جعلك تقدرين ابتسامته.
هو: دعيني أساعدك. (حمل لي صينية الطعام حتى أضع أشيائي جانبا.)
أنا: شكرا.
مرت لحظة صمت غريبة ولكني كسرتها بالتحدث: "هاي، أنا لوسي."
هو: جوي، تشرفت بمقابلتك.
أنا: أنا أيضا. أتمنى أن يكون الطعام جيدا فأنا جائعة جدا.
جوي: لم يكن جيدا قط! السبب الوحيد الذي سيجعلك تستمتعين به هو أنك جائعة.
عادت الجدية مرة ثانية. هل كان كلامه مزحة أم كان يتحدث جديا؟ كان من الصعب عليّ فهمه. حاولت التفكير في طريقة للاستمرار في الحديث معه ونظرت إليه مرة ثانية أبحث عن دلائل. عادة يكون من السهل معرفة أشياء عن الشخص بالنظر إلى علامات بسيطة سواء من خلال ملابسه أو أي شيء يحمله. تذكرت حينها أنه كان يحمل حقيبة رجال الأعمال إذا يجب عليّ التحدث عن العمل.
أنا: إذا ماذا تعمل؟
جوي: أنا شريك مؤسس لشركة X، هي شركة تتولى تواجد الشركات الكبيرة على شبكة الإنترنت وخططها الاستراتيجية.
أنا: واو، هذا رائع جدا. هل هي في دبي أم القاهرة؟
جوي: كلاهما.
أنا: ممتاز!
تحدث أكثر عن شركته، شركائه في العمل والعديد من المشاريع المختلفة التي يعمل بها إلى جانب الشركة. أثناء هذا اختفت تماما نظرته الجادة وبدأت أرى الجانب الشغوف فكان واضحا جدا أنه يستمتع بعمله كثيرا. أحب كثيرا الذين يتمتعون بشغف فقد كانت متعة أن أسمعه يتحدث هكذا. يبدو أنه رجل مثير للاهتمام كثيرا ويتمتع بالكثير من المعلومات والحكمة. هل ذكرت من قبل أن هذه الصفات تعجبني كثيرا في الرجال؟ من الواضح جدا أني أقدر الحكمة بما أن أخر تجربتين لي مع الرجال كانت تفتقر إالى النضج.
جوي: هل أنت ذاهبة إلى دبي لقضاء أجازة أم للعمل؟
أنا: سأحاول الجمع بينهما.
جوي: ماذا تقصدين؟
قلت له عن مقابلة العمل الذي ساعدني جيوفاني على الحصول عليها وعن محاولتي لتغيير وظيفتي أو بمعنى أدق تغيير مكان عملي.
جوي: قولي لي أكثر عن خبراتك السابقة في العمل.
أنا: هل علي أن أعطيك تفاصيل سيرتي الذاتية؟ هاهاها
جوي: نعم إلى حد ما. قد أتمكن من مساعدتك في الحصول على وظيفة أفضل.
أنا: حقا؟ أين؟
جوي: في شركتي! ستجدين أنها بيئة مرحة جدا وممتعة للعمل بها.
مدير جذاب ووسيم مرة ثانية؟ لا أعتقد ذلك! كان رجلا محترم جدا معي فكان يجب علي أن أجاوب عليه باحترام: "مكاني موجود في شركة علاقات عامة رائعة. حقا أقدر عرضك ولكني لا أملك خبرة كافية لأضيفها إلى شركتك ولكني أفضل أن نكون أصدقاء."
هل قلت هذا حقا؟ يجب علي التفكير قبل التحدث بأي كلمة! أنا بالكاد أعرف هذا الرجل وبالرغم من هذا توقعت أن نكون أصدقاء. كان به شيء جعلني أثق به.
جوي: إذا لماذا تركت عملك السابق؟ إن كنت لا تمانعين سؤالي.
أنا: هي قصة طويلة.
جوي: لدينا الكثير من الوقت. قولي لي فكلي آذان صاغية.
أنا: هي أيضا قصة محرجة.
جوي: حسنا سأتفق معك على شيء. احكي لي عن قصتك المحرجة وأنا سأحكي لك عن قصتي المحرجة بمجرد أن تنتهي.
أنا: اتفقنا.
حكيت له القصة بالكامل، ولكن بالطبع تركت بعض الأحداث جانبا لأني لم أكن أريد الدخول في كافة التفاصيل. يكفي جدا أني وثقت في رجل غريب قابلته للتو لأحكي له كل هذا، ولكن في نفس الوقت، لا يتحتم عليّ رؤيته مرة ثانية فسيكون من السهل نسيان الإحراج.
بعد أن انتهيت، نظر إلي لفترة وكأنه في حيرة ثم قال: "من لديه عقل سليم قد يفكر في مواعدة مديرها؟"
ماذا؟ هل حقا قال ما سمعته؟ حسنا، على الأقل سأقدر الصراحة عن شخص مراوغ. صراحة شعرت أنه كان يقصد كلامه بطريقة جيدة وليس كإهانة.
أنا: على ما يبدو أنا! في المعتاد أنا أذكى من هذا كثيرا ولكن هذه المرة كنت قد وقعت في الحب تماما. لكن هذا لن يتكرر مرة ثانية. حان الوقت لقصتك المحرجة.
جوي: واحدة من الفتيات في فريق العمل، على الرغم من أنها فتاة لطيفة جدا إلا أنها تدفعني للجنون.
أنا: بطريقة جيدة أم سيئة؟
جوي: هل هناك جنون بطريقة جيدة؟ لسبب ما، هي تعتقد أنه يجب أن نكون أنا وهي على علاقة. أنا رجل صريح وقلت لها أني لست مهتم ولو حتى بنسبة واحد بالمئة وأنه يجب أن نتعامل بطريقة مهنية أكثر ولكنها لا تفهم هذا.
أنا: هذه هي قصتك المحرجة؟ بالتأكيد هناك شيء أكثر من هذا! كما أنها لما كانت ستفعل كل هذا من خيالها إلا إذا كنت قد أعطيتها أي علامات.
جوي: لم أنتهي من القصة بعد ولا لم أعطها أي علامات على الإطلاق! العلامات هي أشياء تتخيلها النساء ليشعرن بشعور أفضل. بالنسبة لي، إما أكون موافق أو رافض لا يوجد رمادي.
أنا: هذه صفة أحترمها.
جوي: الآن للجزء المحرج، في محاولة مني لتعود الأمور على طبيعتها بيننا ولتفهم أني لست مهتم بها اختلقت قصة أني أواعد امرأة أخرى. والأسبوع القادم، لدينا مناسبة كبيرة سيتحتم على كل منا جلب نصفه الأخر معه وبالطبع لن أتمكن من الحضور مع حبيبتي الخيالية وستتأكد أني كنت أختلق القصة بالكامل لنعود مرة ثانية لنقطة البداية.
أنا: هاهاهاهاهااها، تستحق هذا. أنت بالتأكيد تعرف أن هناك طرق مختلفة للتعامل مع مثل هذه المواقف.
جوي: ثقي بي، لقد قمت بتجربة كل شيء.
تحدثنا لأكثر من ساعة وفجأة عاد لنظرته الجادة وقال لي: "حسنا لنتوقف عن التحدث، أحتاج للنوم قليلا قبل أن نصل."
لم أتمكن من التوقف عن الضحك مرة ثانية. هذا النوع من الإناس من النادر جدا مقابلتهم. يقولون فقط ما يدور في أذهانهم وفي بعض الأحيان دون أي انتقاء للكلمات (في أغلب الأوقات صراحة) وهم يعنون ما يقولون فقط أيضا.
شاهدت فيلم لما تبقى من الرحلة ثم قبل أن نخرج من الطائرة مباشرة تبادلنا أرقام هواتفنا وقلت له: "هل تعرف، ربما أعرف فتاة من الممكن أن ترغب في لعب دور حبيبتك الخيالية."
جوي: حقا؟ من؟
أنا: قل لي أولا، هل الحدث سيكون في دبي أم القاهرة؟
جوي: دبي.
أنا: رائع! هي ستصل في خلال أيام. سأرسل لك تفاصيل أكثر بمجرد أن أتحدث معها.
تحولت نظرته الجادة إلى ابتسامة مرة ثانية...