أنا:
أفتقدك جدا يا أمي! أشعر بالوحدة بدونكم حولي.
أمي: لقد كان قرارك أن تقبلي عمل في دبي، ألا تتذكرين؟
أنا: هل هذه هي الطريقة التي ستجاوبيني بها على قولي أني أفتقدك؟ رائع!
أمي: بالطبع لا، أنا فقط مستاءة قليلا اليوم. نفتقدك أيضا، فالبيت فارغ جدا بدونك.
أنا: أشعر برغبة شديدة في العودة.
أمي: لا يا لوسي، يجب أن تتعلمي الإلتزام بقراراتك. بقدر ما أريدك أن تعودين، إلا أن هذا ليس التصرف الصائب. أنت على وشك بدأ عملك الجديد.
صمت للحظة وأدركت أنها محقة، فتصرفاتي أشبه بفتاة مدللة. ولكن ماذا أفعل، فأنا أفتقدهم كثيرا وما يحدث مؤخرا ليس سهلا عليّ بمفردي. أنا بالكاد لدي أصدقاء هنا. والأكثر من ذلك، الرجل الوحيد الذي تقربت منه كثيرا، كان معجبا بأقرب أصدقائي وأنا أعطيته موافقتي ليبدأ مواعدتها. أنا لا أكره دينا، هي مثل أختي ولكن في أعماقي، يوجد شعور سيء جدا.
أمي: هل مازلت على الخط؟
أنا: تعم يا أمي، كنت فقط أفكر في شيء.
أمي: أخبريني، ماذا يحدث معك؟
أخبرتها سريعا بقصة جوي كاملة. في الغالب، لا أحب أن أشارك أمي في حكايات تخص الرجال، لأنها تتمكن دائما من إلقاء اللوم عليّ. دائما تجد طريقة أو أخرى تجعل مني المخطئة في أني لست في علاقة جدية مع أحد حتى الآن، ثم تبدأ بالضغط عليّ في أن الوقت يمر وكان يجب أن أجد الشخص المناسب لي في عمري هذا. ولكن هذه المرة كان الوضع مختلفا، فهي لم تتحدث بتلك الطريقة على الإطلاق.
أمي: كل ما يعمل يعمل للخير حبيبتي، ثقي بي في هذا الأمر.
أنا: هذا ما أقول لنفسي دائما ولكن أتعلمين يا أمي، الأمر صعب كثيرا. أنا لا أتحدث فقط عن جوي وعن شعور عدم الإرتياح الذي بدأ يظهر بيننا أو على خوفي من أن يقف هذا الأمر حائلا أمام علاقتي بدينا، ولكن أيضا أتحدث عن عمرو وبيلي. لا يبدو أن علاقتي تنجح مع أحد ولا أعلم السبب.
لا تفكري أكثر من اللازم في الأمور يا لوسي، فهذا أفضل. فقط تحلي بالثقة في الله أن الرجل المناسب لك سيجد طريقه إليك في الوقت المناسب.
أنا: هل تعتقدين هذا؟
أمي: بالطبع، أنا متأكدة! هذا يذكرني بأمر ما... لم أكن سأقول شيئا ولكن أعتقد أنه لديك الحق في معرفة ماذا جرى.
أنا: ماذا حدث؟
أمي: قابلت عمرو في السوبر ماركت منذ بضعة أيام. في البداية تظاهرت وكأني لم أراه ولكنه جاء إليّ وتحدث فلم أتمكن من تجاهله.
أنا: هاهاهاها أنت جميلة جدا يا أمي. أريد أن أراكي مرة وأنت تتصرفين بطفولية هكذا. أه، تذكرت! أنت تتصرفين هكذا مع شقيقة أبي.
أمي: دعيني أكمل قصتي، عمتك موضوع آخر سنتحدث عنه بعد قليل، فهي تدفعني للجنون مؤخرا. عودة لما كنت أقوله، بدأ كلامه بالسؤال عن أحوالنا ثم تحول تركيزه في الكلام عليك. أخذ يحاول معرفة أخبارك وإن كنت سعيدة أينما كنت أم لا ولكني لم أعطيه جواب مباشر.
أنا: أقدر تصرفك.
أمي: بعد هذا بدأت مشاعره تظهر أكثر وسألني إن كان من الممكن أن نجلس سويا في مكان ما ونتحدث لأنه مدين لك بتوضيح وتفسير لما حدث بينكما. وأنت لا تردين على إتصالاته ولا على أي من رسائله. رفضت بالطبع ولكنه ظل يقول ما بخاطره بينما كنت أكمل تسوقي.
أنا: ماذا قال لك؟
أمي: لم يقل شيء منطقي بالنسبة لي، فالمعتاد أن الشخص يعرف قيمة الشيء وهو يسعى وراءه فقط أو عندما يفقده.
أنا: هل تشيرين لي كشيء؟
أمي: يبدو أن هذا الوقت من الشهر اقترب، واضح أعراضه عليك هيهيهي
أكملت أمي وقالت لي أن عمرو طلب منها عدة مرات أن تقول لي كم يشعر بالأسف على الطريقة التي عاملني بها وأني كنت حقيقة أمثل له العالم وما فيه. وأنه لم يكن يفكر جيدا حينها ليتبع كلام والدته دون تفكير، ولكن عندما خرجت من حياته وأنا أكملت طريقي بدونه، أدرك حينها كم كان مخطئا.
أنا: لماذا تقولين لي هذا؟ ماذا عليّ أن أفعل في هذا الأمر؟
أمي: لم أكن أنوي قول شيء ولكن السبب الوحيد الذي جعلني أخبرك هو أنك كنت مخطئة في محاولتك للوم نفسك.
أنا: لا لم أكن ألقي اللوم على نفسي.
أمي: بل كنت تلومين نفسك، فأنا أعرفك أفضل من أي شخص آخر.
أنا: بالتأكيد تعرفيني.
أمي: دعيني أخبرك قصة أخرى، هذه المرة لها علاقة بي. بعد مرور سنة من مقابلتي بوالدك...
أنا: في عام ١٩٠٠؟
أمي: هاهاها خفة دم ليس لها مثيل! قبل سنة من مقابلتي لأبيك، كنت أحب رجل آخر حب جنوني. كان مليء بالطاقة وكانت علاقة مثيرة للإهتمام.
لحظات صمت.
أنا: هل هذه نهاية القصة؟
أمي: لا، كنت أشرب الشاي. هو لم ينوي أن يأخذ خطوة جدية في العلاقة، دائما يعد بمقابلة والداي ولكنه لم يفعل أبدا. في يوم ما قررت أني اكتفيت وتركته. لم يفعل شيء ليمنعني ولكن بعد تسعة أشهر قال كلام يشبه كثيرا ما قاله عمرو. أخطأت وصدقته وعلى الرغم من أنه وعدني بأنه سيتغير، بعد فترة عاد مجددا لطباعه السابقة في أنه يعد ولا ينفذ أبدا. هذا جعلني أدرك شيئا، أن هناك سبب محدد جعلني أبتعد عنه في البداية وأن هذا السبب لم يكن خطأي ولكني في وقت ما بدأت لوم نفسي. بمجرد أن إتخذت قراري مرة أخيرة ونهائية، بدأت أتخلى عن الطاقة السلبية التي كنت أحيط نفسي بها وكنت مستعدة لاكتشاف خيارات أفضل، حينها قابلت الرجل الذي لم يتركني أبدا حتى الآن، والدك.
أنا: هذا حقيقي!
محادثتي مع والدتي جعلتني أهدأ كثيرا وفي تلك اللحظة شعرت أن كل شيء يأخذ مساره كما يجب أن يكون. الإيمان هو أحد أهم الخصال التي يجب أن يتمسك بها الانسان. الإيمان أن الله لديه خطة أكبر بكثير من مجموعة من الأشخاص التافهة. وعندما تشعرين بالضياع، ذكري نفسك دائما بأن الأمور لن تسير سوى للأفضل أو على الأقل، تحدثي مع والدتك، هذا يفي بالغرض أيضا في بعض الأحيان! سأترككم مع فكرة أخيرة: لا تعودين دائما للرجل (أو كما في حالتي، الرجال) الذي يجب عليك الإبتعاد عنه. في اللحظة التي ترحلين فيها، ستتحولين بالنسبة لهم "أفضل ما لم يتمكنوا من الحصول عليه". لا تنخدعين بهذا الكلام لأنه مؤقت! أنت لم تبتعدي ليتمكنوا من إدراك أهميتك ولكن لتتمكني أنت من فهم والإقرار بأهمية نفسك.