"صباح الخير يا لوسي!" سمعت صوت عمرو يحيني وهو مستند على باب المكتب.
أنا: صباح الخير يا مديري!
عمرو: هل أنت مشغولة الآن؟ أريد التحدث معك.
أنا: لا... وقتي كله لك.
عمرو: عظيم! هناك منصب جديد وكبير سيكون شاغرا فى الشركة قريبا وأعتقد أنه يجب أن تتقدمي إليه.
أنا: فعلا! أريد كل التفاصيل.
عمرو: حسنا! محمود سيترك الشركة قريبا مما يعني أني سأكون بحاجة إلى شخص جديد ليشغل منصب رئيس العلاقات العامة.
أنا: أووو وااااو! وأنت ترى أنه يجب عليّ أن أتقدم لها ؟
عمرو: أكيد. سيكون التقديم مفتوحا لجميع مديري العلاقات العامة فى الشركة، ولكن أنت تعرفين أنك ستكونين الأفضل بالنسبة لي.
أحمر وجهي للحظة. لست متأكدة إن كانت هذه الجملة مجاملة صادقة من الناحية المهنية أم أنها شكل من أشكال المغازلة. كما ترون، هذا الرجل يصعب قراءة ما يدور بذهنه بسهولة. فهو غامض وتصرفاته غير متوقعه وهذا ما يعجبني فيه. هل قلت يعجبني؟؟؟ لا، ليس من المفترض أن أعجب به، أو على الأقل كأصدقاء فقط ليس كإعجاب عاطفي... تفهمون قصدي، أليس كذلك؟
بالتأكيد، كنت متحمسة جدا للتقدم إلى الوظيفة الجديدة، فهي ستكون نقلة كبيرة في طبيعية العمل وبالطبع المرتب الشهري. كل ما كنت أريد التأكد منه هو أن هذه الوظيفة لن تسبب أى نوع من الحرج بيني وبين عمرو. هو يعجبني قليلا الآن، ولكن إذا حدث واختاروني لشغل هذا المنصب، فهذا سيعني أنني سأتعامل معه بطريقة جادة وأكثر مهنية عن ذي قبل، كيف أفعل ذلك الآن؟ ليتني أعود للخلف بضعة أشهر لأستطيع أن أتعامل بنفس المهنية كما سبق.
بينما كنت في طريقي إلى يوسف لأناقش معه أحد المشروعات الحديثة، وجدت سحر أمامي. أعتقد أنكم يا شباب لم تسمعوا شيئا عن سحر منذ وقتا طويلا، ولسبب ما لم نتصادم منذ وقت طويل أيضا.
سحر: هاي لوسي.
أنا: هاي، كيف حالك؟
سحر: جيدة! وأنت؟
أنا: تمام، منهكة في العمل.
استمرينا فى التحدث بطريقة مصطنعة حتى مر علينا عمرو.
سحر: عمرو، وصلني منك إيميل الإعلان عن الوظيفة الجديدة الشاغرة... أنا متحمسة جداااا للتقديم إليها.
حاولت إنهاء المحادثة بيني وبينها بأسرع ما يمكن، وذلك لأتجنب حديثها ومحاولاتها لإثبات أن لديها مؤهلات أفضل مني للحصول على الوظيفة الجديدة وهو الأمر الذي أرى أنه غير صحيح بالمرة. هل تعلمون هذه النوعية من الناس التي تسعى لتقول للجميع أنها الأفضل من أي شخص آخر كأن هذا هو الإثبات؟ لسوء الحظ، زميلتي غير العزيزة سحر على قائمة هؤلاء الأشخاص.
أكملت طريقي وذهبت إلى مكتب يوسف لكني وجدته في أجازة. ألقيت نظرة خاطفة على مكتب ناتالي ووجدتها جالسة هناك تراسل أحدا على الموبايل، كالعادة! لم أرى هذه الفتاة يوما بدون الموبايل. أتمنى أن يشعر بيلي بالإختناق بسبب تقييدها لحريته ورسائلها له التي لا تنتهي. لقد كنت دائما حريصة على إعطائه مساحة من الحرية الشخصية عندما كنت أواعده حتى لا يشعر بالخوف من المسئولية وأخسرة، وهو ما حدث على أي حال. للأسف، من الصعب جدا فهم كيف يفكر الرجال! لماذا لا يستطيع الناس التحدث بصراحة عما يفكرون به. بهذه الطريقة ستكون الحياة أسهل بكثير! أتمنى أن أكون أيضا هكذا، فأنا أجد صعوبة دائما في قول ما أشعر به أو ما يدور بذهني مباشرة. وهو ما كان يجب أن أفعله مع سحر عندما بدأت بالتحدث عن عدم شعوري بالتحمس تجاه المنصب الجديد. أعرف دائما الرد المناسب بعد أن يمر الموقف.
مر يوم أخر طويل في المكتب وأخيرا عدت إلى المنزل، لا أستطيع وصف الإحساس الرائع الذي أشعر به عندما اصل البيت بعد يوم طويل. هو أفضل شعور على الإطلاق! عودة مرة ثانية للترقية، هل أتقدم لها وأرى إن كانت الأمور بيني وبين عمرو ستحتاج لتصبح أكثر مهنية أم لا؟ بينما كنت أفكر طويلا ومستغرقة في عالمي الخاص، وصلتني رسالة واتس أب من عمرو.
عمرو: لا تتركي كلام سحر يضايقك بأي طريقة، فأنت تعلمين أنك تعملين ضعفها. من فضلك قولي لي أنك ستتقدمين لهذا المنصب.
انتظرت بضع دقائق ثم بعثت له برد.
أنا: أنا لا أفكر في كلام سحر مطلقا، فهي كتلة من السلبية، ولأكون صريحة فأنا مازلت أفكر في الأمر...
عمرو: هذا ما لا أفهمه، لماذا تحتاجين وقت للتفكير من الأساس؟
أنا: أولا أنا أحب عملي الحالي، ولن أتمكن من العمل بالقرب من بعضا من عملائي المفضلين.
عمرو: ولكنك ستعملين بالقرب مني، هل هذه ليست بنقطة ايجابية جدا بالنسبة لك؟
أنا: بالتأكيد! كيف هي حياتك هذه الأيام؟
عمرو: رائعة، وجدت ضحية جديدة لي
أنا: لماذا تقوم بالتنقل بين فتاة لأخرى هكذا؟
عمرو: أنا أواعد النساء الغير مناسبات لي، حتى الآن لم أجد الفناه المناسبة.
أنا: قد تحتاج للتريث قليلا وتأخذ بعض الوقت للتعرف عليهم أكثر؟ أعتقد أن هذه هي المشكلة.
عمرو: وااو، نصائح الحب والمواعدة من لوسي هاهاها
أنا: لا تسخر مني هكذا، فأنا أعطي نصائح رائعة عن العلاقات الغرامية ولكني فاشلة عندا يكون الأمر يتعلق بي.
عمرو: أنا لا أفهم، أنت إمرأة جميلة حقا وتتحلين بشخصية رائعة، لا يجب أن تواجهين مشكلة في جعل الرجال تسعى ورائك.
أنا: أنا لست مهتمة بهذا الأمر
عمرو: إذا ماذا تريدين؟
أنا: أرغب في رجل واحد فقط يشعرني بأني أحلق في السماء. تعرف هذا الإحساس؟
عمرو: أرجوك لا تقولي لي أننا نتحدث عن بيلي مرة أخرى، هذا الرجل حيوان...
أنا: بالطبع لا نتحدث عنه، ولكن هل تعلم، أنا أشتاق له جدا كصديق، فهو كان أفضل صديق قد تتمناه أي فتاه.
عمرو: ولكنه صديق حميم بشع!
أنا: نعم...
استمرت المحادثة لبعض الوقت ثم كان موعد العشاء مع والديّ، بالطبع كانوا يتذمرون من قلة الوقت الذي أقضيه معهم، وهو ما كان حقيقي. يجب عليّ أن أخصص وقت أكثر لهم، بالأخص أبي فقد شعرت أني لم أراه منذ زمن بعيد.
قبل أن أذهب للنوم، بعث لي عمرو برسالة ثانية على واتس أب يقول فيها: "أنت فتاة مميزة يا لوسي. توقفي عن التفكير في بيلي، فبمجرد أن تتخلصي من مشاعرك تجاهه ستتمكنين من رؤية الإحتمالات الأخرى التي حولك."
ماذا يعني هذا حقا؟ يقولون أن البعض يبعث رسائل بأفكار غريبة في الليل، يبدو أنها حقيقة. هل كان عمرو يحاول أن يكون لطيفا معي كصديق فقط أم كان يقصد نفسه؟ قررت أن أتجاهل الرسالة في محاولة لأحافظ على المهنية بيننا، فأنا لا أريد من أحد أن يتحدث عني دون علمي ليقول أني حصلت على الترقية بسبب وجود علاقة بيني وبين عمرو. هذا ليس ما بيننا على الإطلاق، صراحة لا أحد يعلم ما يدور في عقل هذا الرجل الغامض. هل هو يتعامل معي بأسلوب الشد والجذب؟ أم هو مشتت ومحتار مثلي؟ أم أنا أفكر بشكل زائد في الأمور واهتمامه بي مجرد كصديقة؟
في اليوم التالي، أتت سحر إلى العمل وهي ترتدي فستان يفترض أن يكون مثير، ولكنه بالتأكيد لا ينتمي إلى مكان عمل ولكن تفكيرها المحدود صور لها أن ارتداء مثل هذا الفستان سوف يجعل عمرو يختارها للموقع الجديد. أتمنى أن لا يسألني اليوم أيضا فأنا لم أتخذ قراري بعد.
كانت مجموعة مننا تتحدث عن الكثير من الأشياء المختلفة بجانب مكتب يوسف، الذي لم يكن هنا بعد. تطور الحديث حتى بدأت سحر بالتباهي بأنها ستتركنا قريبا وستجلس في مكان أخر عندما تحصل على موقعها الجديد. نظرت إليها بدهشة، دون أن أعلم ماذا أفعل، هل أقاطعها أم أتركها تتحدث كما تريد؟ ثم قررت أن أتكلم...
أنا: المكان الذي ستجلسين فيه يجب أن يكون أقل ما يشغل تفكيرك في الوقت الحالي، فأنت لن تحصلين على الوظيفة الجديدة للوصول لمكتب جديد، أليس كذلك؟
سحر: بالطبع لا!
أنا: إذا لا تجعلي الأمر يبدو وكأن هذا ما يحدث.
سحر: ما قصدته كان أني من أكثر المؤهلين في الفريق لشغل هذا المنصب بعد أن يرحل محمود.
قررت أن لا أتحدث بما يدور في ذهني بعد هذا التعليق، فقد رأيت كيف كان ينظر الأخرين لها. كلامها هذا متكبر جدا! كلامها هذا جعلني أقرر تجاهل كل شيء وأن أتقدم للمنصب، فأنا لن أترك واحدة مثل سحر لتكون مديرتي الجديدة، هذا لن يحدث!
كنت في طريقي لمكتب عمرو لأسئله عن طرقة التقدم، ففوجئت بيوسف يدخل المكتب.
أنا: أين كنت يا صديقي؟
يوسف: اجتماعات، اجتماعات واجتماعات أخرى! يبدو أن عمرو يعتبرني الوجه الجديد للشركة وأن مقابلة العملاء المحتملين سيجعلهم يوقعون معنا أسؤع.
أنا: هو بالتأكيد لديه وجهة نظر صحيحة، فأنت وسيم جدا هيهيهي
يوسف: أشكرك جدا.
اصطحبته إلى مكتبي مرة ثانية وحكيت له عن المنصب الجديد وعن ترددي للتقدم، قلت له كل ما كان يدور في ذهني، وكان رده لي: "أعتقد أنه عليك التقدم له، ليس فقط لأنك لديك المؤهلات الكافية له، بل لأني أعلم جيدا أن عمرو يريدك أن تشغلي هذا المنصب. هو معجب بك كثيرا، يمكنني رؤية هذا!"
بهذه الجملة أصبح كل شي مربكا مرة ثانية. هل أهدأ وأتقدم للمنصب أم لا؟ قولوا لي أنتم من فضلكم، ماذا أفعل؟