نؤمن تمامًا أن من حق كل امرأة اختيار الوقت المناسب لمشاركة تجربتها وآلمها وبدء معركتها أمام المجتمع، لذا فيحق لها اختيار الوقت المناسب للحديث عن تعرضها للاغتصاب الزوجي، التحرش، وأي اعتداء جنسي ونفسي مهما كان. ولكن رغم ذلك، لا يمكننا أن ننكر أن عدد لا بأس به من أبناء المجتمع بمختلف الأعمار لديهم الكثير والكثير من الأسئلة حول الاغتصاب الزوجي، حتى أن بعضهم لا يفهم حقًا لماذا تتأخر النساء في الحديث عن الاغتصاب الزوجي؟ ولماذا يمكن للمرأة أن تخرج بعد أعوام من تعرضها لهذا الأمر، لتعترف أمام الجميع وتقول "نعم، أنا تعرضت للاغتصاب الزوجي". نحن لا نحجر على طرح الأسئلة، بل نجد دومًا أن الإجابة عليها هي السبيل الوحيد لتوضيح الأمور، هي طريقنا الوحيد للدفاع عن حقوق المرأة. لذا قررنا هذه المرأة أن نذهب للمتخصصين، فالتقينا بـ" نورين بن حليم" وهي معالجة نفسية واستشاري بعلم النفس، وحاصلة على ماجستير في علم النفس الإرشادي، لتجيبنا على جميع الأسئلة المتعلقة بالاغتصاب الزوجي...
- لماذا يستغرق الأمر سنوات من النساء للاعتراف بالتعرض للاغتصاب الزوجي؟ هل يمكنك شرح ذلك أو توضيحه بالتفصيل لأن الكثير من الناس لا يفهمون سبب حدوث ذلك؟
قد لا تعترف النساء بتعرضهن للاغتصاب الزوجي لعدة أسباب:
السبب الأول: هو أساطير العلاقة الحميمة الكاذبة التي يدعمها مجتمعنا. نحن نشعر بالاعتقاد الخاطئ بأن الاعتداء الجنسي لا يمكن أن يحدث من قبل الزوج أو الشريك الحميم.
السبب الثاني: هو تدني احترام الذات. سنوات من الخضوع لعلاقة مسيئة قد تؤثر سلبًا على احترام المرأة لذاتها. وأحيانًا تعتقد المرأة وتشعر أنها تستحق أن تعامل بهذه الطريقة.
السبب الثالث: هو أنه أحيانًا تكون الإساءة خفية وتحدث على مدار سنوات، وقد يكون من الصعب جدًا تحديدها.
السبب الأخير: هو الخوف. النساء لديهن خوف عميق من عواقب التحدث. إنهن قلقون من أن الآخرين لن يصدقوهن، أو يقللون من شأن قصتهن.
- ولكن، كيف يمكن للنساء أن تتحدث عن تعرضها للاغتصاب الزوجي في الوقت ذاته الذي تواجه في هذا الضغط المجتمعي الذي يطالبها بالصمت وعدم التحدث في خصوصيات العلاقة الزوجية؟
حسنًا، أنا أنصحها بالمواجهة وعدم التأثر بهذا الضغط المجتمعي. فيجب على النساء أن يتحدثن عما يتعرضن له ولا يلتزمن الصمت أبدًا. فهناك فرق مهم للغاية بين وجود حدود/ الحفاظ على خصوصية العلاقة وفهم أن الحفاظ على سرية الاعتداء العاطفي/ الجسدي/ الجنسي قد يكون أكثر ضررًا على المدى الطويل.
- إذًا، ما هي الطريقة أو الأسلوب الذي يجب على المرأة اتباعه لمشاركة قصتها حتى لا تخاطر بمصداقيتها أو تسمع جيدًا؟
شاركي قصتك مع الأشخاص الذين يمكنهم التحقق من صدقك والمساعدة في دعم احتياجاتك العاطفية خلال هذا الوقت.
- هل هناك دور للأصدقاء والأسرة المحيطين بالمرأة إذا تعرضت للاغتصاب الزوجي أو أي حادث آخر صادم؟
بالطبع، فدورهم هو تقديم الدعم العاطفي وتصديق الضحية، حتى لو كانت تجربة الضحية غير مألوفة أو جديدة. إذا كنت لا تعرف ما تقوله أو تفعله، فإن أفضل شيء تفعله هو أن تسأل الشخص، "كيف يمكنني مساعدتك خلال هذا الوقت". كل شخص خبير في احتياجاته العاطفية. ذكّرهم أنك موجود من أجلهم من خلال التعبير عن دعمك "أنا هنا من أجلك / معك". شجع الشخص على طلب المساعدة النفسية واشرح لماذا قد يكون من المفيد طلب المساعدة من محترف مدرب.
________________________________________________
متى تتحول العلاقة الحميمة إلى اغتصاب زوجي؟
________________________________________________
- تخلق الكثير من النساء الأعذار لأزواجهن في حالة حدوث الاغتصاب الزوجي، على سبيل المثال، "ربما لم يكن يعلم" أو "ربما لم أكن واضحة بما فيه الكفاية"، هل هذا طبيعي أو لماذا يحدث كثيرًا؟
لسوء الحظ، فإن الاغتصاب الزوجي هو نهاية لسلسلة طويلة من السلوك التعسفي والتلاعب الذي يمارسه الزوج. إن اكتشاف مثل هذا السلوك والقدرة على تسميته ليس بالأمر السهل دائمًا على النساء، لأن الإساءة أحيانًا تكون خفية وتحدث بطرق غير مباشرة. على سبيل المثال، قد يخبر الرجل زوجته بشكل غير مباشر أنه 'إذا لم تمارس الجنس معه' ، فسيتعين عليه ممارسته مع شخص آخر. عندما يحدث هذا، تبدأ النساء في الشعور بالذنب وقد يبدأن في الاعتقاد بأن لديهن مشكلة. يُعرف هذا بـ "إنارة الغاز" (وهو شكل من أشكال السلوك المسيء حيث يشوه الشريك واقع زوجته ويجعلها تتساءل عن مشاعرها وأفكارها).
- نلاحظ أن هناك نساء كثيرة تعيش في حالة إنكار لتعرضهن للاغتصاب الزوجي؟ هل هذا رد فعل على الصدمة؟ كيف يؤثر الإنكار على صحتهم النفسية؟
غالبًا ما يكون من الصعب معالجة الأحداث الصادمة مثل الاغتصاب الزوجي. نحن كبشر نتعامل مع الصدمات بشكل مختلف، ولكن ستكون هناك فترة من الحزن في أعقاب أي صدمة. تتضمن إحدى مراحل الحزن الإنكار والغرض من الإنكار هو منح الشخص فرصة ليكون قادرًا على استيعاب المعلومات أو الحقائق الصعبة التي ربما لم يكن مستعدًا لاستيعابها. الإنكار هو آلية تأقلم غالبًا ما تحمي الشخص خلال المراحل الأولى من الحزن. خلال مراحل لاحقة، قد يبدأ الشخص في فهم ما حدث، وتعلم طرق أكثر صحة للتعامل مع الصدمة.
إذاً، ماذا يجب أن تفعل المرأة في حال تعرضها للاغتصاب الزوجي. وماذا يمكنها أن تفعل من حيث اتخاذ الإجراءات والعمل على التعافي من مثل هذه الصدمة؟
كما ذكرنا، غالبًا ما تتعرض النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب الزوجي لصدمة نفسية بسبب وقوع الاغتصاب أو وقوعه من قبل أزواجهن. تتضمن تداعيات العلاج النفسي عدة عوامل مثل العلاج الداعم (مع معالج يمكنه مساعدة العميل على فهم أسباب حدوث الاغتصاب الزوجي). يعد اكتساب البصيرة والتفهم أمرًا مهمًا بشكل خاص حتى لا تلوم الضحية نفسها. غالبًا ما يحدث الاغتصاب الزوجي، عندما يرغب الشريك الذكر في ممارسة السلطة والسيطرة على زوجته (ضد إرادتها أو بدون موافقتها). لسوء الحظ، نظرًا لأن العديد من النساء لا يفهمن علم النفس وراء الاغتصاب، فغالبًا ما يلومن أنفسهن (بقول أشياء مثل 'يجب أن أستمتع بالجنس' أو 'من واجبي أن أقول نعم دائمًا' ، أو 'ربما تكون المشكلة معي'. لذلك ، فإن الخطوة الأولى هي تصحيح المفاهيم الخاطئة لديهن مع معالج موثوق، لاستكشاف الأسباب الكامنة وراء الاغتصاب، والعمل على الشفاء من الصدمة التي نتجت عن ذلك.
- هل معالجة الاغتصاب الزوجي مع الزوج إجراء جيد بما يكفي لاتخاذه مع شريكك؟ هل هذا كافٍ للتأكد من أنه لن يحدث مرة أخرى؟
في حين أنه من الضروري وضع الحدود، ومناقشة مفهوم الموافقة مع الشريك بصراحة، إلا أن هذا ليس بالضرورة أن يكون كافيًا في علاقة، حيث من المحتمل أن تكون الإساءة طبيعة ثانية للشريك. قد يحدث مرة أخرى، أو قد تحدث الإساءة في أشكال أخرى. ترتبط الإساءة بشكل مباشر بالحاجة إلى السلطة والسيطرة - وغالبًا ما يتعامل أولئك الذين يسيئون بحق شريكاتهن، مع مشاكل نفسية وشخصية خطيرة. إذا كان الشريك المسيء على استعداد للذهاب إلى جلسات العلاقات الزوجية، فقد يكون هذا مكانًا جيدًا للبدء.
- أخيرًا، ما هي النصيحة التي يمكنك تقديمها للنساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب الزوجي ولا يواجهن الدعم أو لا أحد يصدق قصتهن؟
قفي على أرض الواقع وصدقي حقيقتك حتى لو كنت تقفين بمفردك. ترك علاقة مسيئة هو أكثر الأشياء الجيدة التي يمكن أن تفعلينها لنفسك. إن البقاء في علاقة مليئة بالاعتداء العاطفي أو الجسدي أو الجنسي يعرضك لخطر الاكتئاب والقلق وتدني احترام الذات.
مصدر الصورة الرئيسية: بنترست