لنتحدث جديا اليوم! لماذا يحب الرجال النساء الساقطات؟ أعرف أنها كلمة حادة، ولا يجب على أي امرأة إطلاق هذا اللفظ على النساء الأخريات. ولكن ما سأقوله لكم اليوم سيجعلكم تتساءلون جديا عن هذا الأمر.
كما تعرفون من قراءة مقالتي السابقة، فأنا بدأت العمل مؤخرا في واحدة من أكبر شركات العلاقات العامة في دبي. بالتأكيد لم أتوقع أن يسير كل شيء بشكل مثالي، فأنا أعرف أن المنافسة هنا أعلى كثيرا. ولكن ما لم أتوقعه هو كم الخيانات الموجودة. لم أشهد بعد شيئا جاد ولكن القصص التي سمعتها قاسية جدا. قد أكون أبالغ قليلا ولكن من لا يحب القليل من الدراما طالما هي ليست عنه، أليس كذلك؟
لم أكوّن صداقات في عملي، وهذا لأنهم يوزعون أنفسهم على مجموعات وكل مجموعة تكره الأخرى وأنا لم أحدد أيهما أختار بعد. وبالنسبة لهم، إن لم تختار مجموعة، إذا أنت لست أهلا للثقة بشكل كاف لتنضم لأي مجموعة. تصرفات طفولية كان يجب أن نتخطاها بعد المرحلة الإبتدائية.
دانا التي أعمل معها عن كثب بدأت تتعامل بطريقة أفضل قليلا معي ولكن كلما رأتني أتحدث مع أي من الفتيات التي تكرههن تتعامل معي بحدة. من ناحية أخرى، رانيا قائدة المجموعة الأخرى، تحاول التحدث معي برقة وظرف ولكن عندما تجد أي لحظة لإيقاع دانا في مشاكل، لا تتردد. ومع كل هذا، أنا لا استمع إلى أي من هذا الهراء الطفولي. في أحد الأيام أثناء وقت الغذاء، قررت أن أقضيه مع ريتا، فتاة أخرى جديدة في الشركة ولكنها تسبقني هنا ببضعة أشهر.
أنا: لماذا هذا الكم الهائل من الكره الموجود في الشركة؟ حقا لا أفهم السبب.
ريتا: أنا أيضا لا أفهم، ولكن لسبب ما هذا ما يحدث في الأماكن التي بها نساء كثيرات، ومع روح التنافس الموجودة في العمل تكون هذه النتيجة الحتمية. وكأنهم في غابة حيث يسود الصراع على القوة.
أنا: إذا ما الذي جعلك تقررين أن تأخذي جانب رانيا؟ هذا إن كنت لا تمانعين سؤالي، فأنا فقط أشعر بالفضول لمعرفة كيف تسير الأمور هنا.
ريتا: دانا لم تكن يوما جيدة في تعاملها معي، فكانت تتصرف وكأن ليس لي وجود في بداية عملي هنا. بدأنا نتحدث مؤخرا فقط ولا تبدو سيئة كما كنت أعتقد في البداية.
أنا: نعم، أنا معجبة بها قليلا ولكني مازلت أشعر أن هناك سببا آخر لصراعهما المتواصل معا.
نظرت ريتا إلي وكأنها تحاول اكتشاف ما إن كنت أريد أن أخرج منها بمعلومات أكثر أم إن كنت أعرف شيئا يستحق أن أشاركه معها.
ريتا: ما سأقوله لك لا يجب أن يُنطق به! هل تعديني بذلك؟
أنا: نعم، أعدك.
ريتا: على حد علمي وما سمعته من رانيا، اعتادت دانا ورانيا الذهاب لنفس المدرسة وأيضا نفس الجامعة في بيروت وعائلاتهما أصدقاء مقربين. أتت دانا إلى دبي قبل رانيا وبدأت العمل هنا منذ ثلاث سنوات تقريبا، قد يكون أكثر. لحقت رانيا بها بعد سنة وتقدمت لنفس الشركة وقبلت للعمل هنا. ولكن يبدو أن القصة لها علاقة بشاب كانت دانا معجبة به ولكن كان يميل أكثر لرانيا. دانا بالطبع لم يعجبها هذا وبدأت تتصرف بطريقة عدوانية تجاه رانيا.
أنا: ماذا تقصدين بعدوانية؟
ريتا: أعتقد أنها بدأت تستغل كل فرصة تسنح لها لتوقع رانيا في المشاكل في العمل مستغلة مكانتها الأعلى من رانيا. لكن رانيا لم تستسلم وعملت بأقصى طاقاتها وهي الآن في نفس المكانة في العمل مثل دانا. هي حقا تعمل جديا، هذا مؤكد.
أومأت برأسي ولم أعلق، ولكن كان هناك شيئا غير منطقيا في هذه القصة. أعتقد أن ريتا ساذجة جدا! هي لطيفة وطيبة ولكنها تبدو كأن أحدا لقنها هذه القصة من جانب واحد فقط وبناء عليه أخذت قرارها في أي جهة تنضم إليها. في رأيي هذا بالكامل غلطة دانا. أو قد تكون رانيا امرأة خبيثة تعرف كيف تتلاعب بالآخرين.
لم انتبه كثيرا لهذه القصة لأني كنت عازمة ألا أدخل في دوامة هذه الدراما. بعد بضعة أيام، احتجنا أنا ودانا العمل لعدة ساعات على مشروع هام لأحد العملاء.
دانا: لا استطيع المواصلة أكثر من هذا، فالأرقام ترقص أمامي. احتاج لراحة قصيرة.
أنا: أتريدين أن أجلب لك كوب قهوة؟ هل أنت بخير؟
دانا: نعم، أنا مرهقة فقط لأني أعمل على هذا المشروع منذ وقت طويل جدا.
أنا: هل تشعرين بالضغط بسببه؟
دانا: دائما! عملي هو كل ما أملك ولا استطيع أن أخطئ في أي شيء وإلا سيستخدم هذا الأمر ضدي.
ها نحن نعود مرة ثانية لهذه الدراما! هل يجب أن أترك ما قالته يمر أم يجب أن أعلق عليه؟
أنا: هممم، هذا ليس حقيقي.
دانا: ماذا؟
أنا: شعرت أنه يجب علي أن أقول شيئا وكان هذا أول ما خطر بذهني.
دانا: هاهاها أنت مجنونة أتعرفين هذا؟ وصريحة! يعجبني هذا فيك.
ابتسمت وللحظة كنت أشعر بالفضول لأسألها عن مدى صحة القصة التي سمعتها من ريتا، ولكني بالتأكيد لم أتمكن من فعل هذا. ليس من الجيد أن يتحدث الآخرين عنك بهذه الطريقة، بالأخص إن لم تكن القصة حقيقية. ثم وجدت الفرصة لمعرفة ما حدث تأتي من تلقاء نفسها...
دانا: إذا، هل مازالت رانيا تتحدث عني بالسوء؟
أنا: هاهاها، هل يجب أن أجيب على هذا السؤال حقا؟
دانا: هذا يعني نعم.
أنا: ماذا حدث بينكما؟
دانا: لا أشعر بالارتياح للتحدث عن هذا الأمر، أو لا أريد أن أكون من الأشخاص الذين يتحدثون بطريقة سيئة عن الآخرين.
أنا: حسنا، فكرت فقط أن أسأل.
دانا: لماذا، هل سمعت شيئا؟
أنا: لا شيء محدد، ولكن أشعر أنه أمر يتعدى نطاق منافسة العمل.
دانا: نعم، كنا أصدقاء مقربين ولكني أعتقد أن في كثير من الأحيان يكون الشخص أعمى عن الأشياء التي قد يفعلها أحد للحصول على ما يريد، وأنه في الواقع لا يعرف الكثير عنهم على الإطلاق. حسنا، سأقول لك ما حدث ولكن من فضلك حافظي على هذا السر بيننا.
أنا: بالتأكيد!
هذه هي النسخة الثانية من نفس القصة: نعم كانا صديقتين مقربتين جدا. انتقلت دانا إلى دبي بينما كانت تواعد شابا في بيروت. قررا أن يستمران في التواعد عن بعد حتى يجد فرصة عمل في دبي لأنهما كانا مغرمين ببعضهما البعض. في البداية كان يسير كل شيء بشكل جيد، وفجأة توقف حبيبها عن الرد على مكالماتها واختفى تماما. بعدها بفترة قليلة اكتشفت أنه بدأ يواعد رانيا.
أنا: ماذا؟ كيف تفعل هذا؟!
دانا: لا أعرف ولا يهمني. حينها قالت لي أمي أن ما فعلته كان بسبب الغيرة أو لأنها أرادت أن تريني أنها أفضل مني. في الحالتين أنا لا يفرق معي هذا الأمر.
بل هي كان يفرق معها، بإمكانني أن أرى أنها حتى هذه اللحظة تهتم.
دانا: أنتظري، هناك أكثر! بعد فترة من بداية علاقتهما، وبالطبع كان هناك مشاجرة كبيرة بيننا، قررت رانيا أنها تريد الانتقال إلى دبي. كنت مستاءة في البداية ولكن فيما بعد شعرت أنها أنانية مني أن أفكر هكذا. فهي ستكون في شركة أخرى وبالكاد سنتقابل ولو بالصدفة. ما نسيته، هو أن عائلتي ساعدتني في الحصول على هذه الوظيفة وأن والديها لديهم نفس الأصدقاء. في النهاية تمكنت من الحصول على وظيفة في نفس الشركة. لفترة طويلة كنت غاضبة جدا وفكرت جديا أن أعود لبيروت، ولكني تحدثت كثيرا مع والدتي التي قالت لي ألا أدع فتاة مثلها تتحكم في حياتي. بداخلها ظلام قاحل وتمتلك قلبا أسودا ثقي بي في هذا. وعدت نفسي أن أكون شديدة المهنية قدر المستطاع ولكن للأسف لم أتمكن من فعل شيء حيال ما حدث. في يوم، ارتكبت رانيا خطأً كبيرا في المشروع الذي كانت تعمل عليه مع قائد فريق آخر وأنا استغليت هذه الفرصة لأكتب تقريرا سريعا لما حدث وأقدمه لأحمد. بالتأكيد هذا سبب لها مشاكل جامة وفي نفس الوقت نبهه إلى أننا أعداء.
نظرت إليها محاولة أن أعرف إن كانت ستقول لي شيئا آخر عن رانيا أم أن هذه هي نهاية القصة. إن كان ما تقوله هو الحقيقة، فهذا يعني أن رانيا فتاة ساقطة! نعم قلتها ولا أندم!
دانا: والآن ننتقل للجزء الأخير في هذه القصة المضطربة. حينها أدركت رانيا أني لدي الأولوية عنها لأني أعرف أحمد أفضل كمديري وأني بإمكاني أن أنتقم منها في أي وقت أريده. فماذا فعلت حيال هذا؟ أنت تعرفين أنه متزوجا، أليس كذلك؟ بدأت تتقرب منه، ولا أعني كصديقة فقط ولكن بشكل أكبر. هو رجل طيب ولكن إذا كنت رجلا يعاني من الكثير من المشاكل في زواجه وحاولت فتاة بشتى الطرق أن تتقرب إليك، بالتأكيد سيعجبك هذا النوع من الانتباه!
أنا: هل مازال متزوجا؟ أم تمكنت من السيطرة عليه؟
دانا: نعم مازال متزوجا ولكني أعتقد أنه يمر بوقت صعب. بعدما تسببت لها في مشاكل في العمل، قررت من بعدها أني هنا لأتقدم في عملي فقط ولأبني سيرتي الذاتية، لا أنوي عمل صداقات سواء مع زملائي في العمل أو مديري. لهذا لا أعرف الكثير عن حياته الزوجية الآن، لا يعنيني في شيء، ولكن يمكنك معرفة إن كان الشخص الذي أمامك يبدو حزينا أم لا. في النهاية، تمكنت رانيا من الحصول على ترقية لتصبح قائدة فريق. هي تقول أن هذا بسبب مجهودها الشخصي ولكن الأمر يكمن في الطريقة الفعلية التي حصلت بها عليها، إن كنت تفهمين ما أقصده.
كنت مصدومة من قدر التفاصيل الدقيقة التي سمعتها عن هذه المرأة السامة! لسبب ما صدقت نسخة دانا من القصة أكثر بكثير. فهي لم تذكر فقط الأخطاء التي فعلتها رانيا تجاهها بل أيضا ما ارتكبته هي أيضا. أما رانيا فهي حكت القصة بمنظور مختلف تماما لتبدو كالملاك وأنها لم تفعل أي شيء تجاه دانا. أيضا أريد أن أفكر في أني ودانا بدأنا نصبح أصدقاء. هذا بالإضافة إلى أننا نصنع فريق جيد في العمل.
أتعجب جدا أن الرجال لا يستطيعون رؤية إلا النساء الساقطات، وهذا ما حدث مع بيلي، حبيب دانا السابق، وأحمد مديري الحالي. أنا أيضا متأكدة أنكم رأيتم مثل هذه القصص تحدث حولكم. لماذا يحدث هذا؟ لا أفهم كيف لا يرى الرجال هذا النوع من التمثيل!
أعرف أن لكل قصة وجهين. دائما! ولكي تعرف الحقيقة، تحتاج لسماع كلتا الجانبين فتتمكن من أن تحدد ما يبدو أكثر منطقية. هل تعرفون ماذا اكتشفت؟ أن الشخص الذي يطلق الشائعات على الآخر ويتحدث كثيرا في هذا الأمر في الأغلب يكون هو الذي قام بفعل أشياء بشعة، لدرجة تجعل من الضروري إخفائها. ولذلك يحاولون بكل قدرتهم فعل هذا.
سأترككم بفكرة أخيرة. في أي وقت تدخل امرأة في منافسة مع امرأة أخرى، فهي بهذا تقلل من نفسها. فالفتيات ذوات العقول الصغيرة هن من يشعرن بضرورة التنافس مع الأخريات. أما النساء الراقية، فهن من يزدن بعضهن قوة.