هل حدث لك من قبل أنك واصلت تناول طبق الطعام حتى أخر ملعقة رغم شعورك بالشبع؟ أو تناولت أخر قطع بيتزا رغم أنك تشعرين بالامتلاء؟ هل تسائلتي بعدها عن السبب الذي دفعك للاستمرار في تناول الطعام رغم شعورك بالشبع؟ حسنًا، لست وحدك، أنا أيضًا يحدث معي الشيء ذاته، وربما أصدقائنا وأغلب معارفنا يتعرضون للأمر ذاته. فرغم أن الأمر شائع ويحدث للكثيرين إلا أن تفسيره لا يزال واضحًا بالنسبة لكثير منا. لذا قررت منذ فترة أن أبحث بشكل أعمق لعلني أجد إيجابة تقنع عقلي وتفسر لي تصرفي هذا. وأنا أعترف، لقد وجدت بالفعل ما أقنعني. لذا قررت اليوم أن أجيبك على السؤال الشائع، لماذا نستمر في تناول الطعام رغم الشعور بالشبع؟
تنويه: أنا هنا أتحدث عن حالة غير مزمنة، أي موقف نتعرض له من حين لآخر، لذا فأنا بعيدة كل البعض عن اضطراب الشهية، والذي إذا أردت معرفة المزيد عنه، اضغطي هنا>>
في البداية، دعينا نعرف كيف نشعر بالشبع؟
يقول الأطباء، أنه تبدأ إشارات الشبع بالجسم عندما يشعر عقلك أننا استهلكنا ما يكفي من العناصر الغذائية التي نحتاجها. ولكن في أحيان كثيرة نحن نتجاهل هذه الإشارات، ونستمر في تناول الطعام، لعدة أسباب مختلفة وهي ما سنتحدث عنه في السطور المقبلة.
أسباب الاستمرار في تناول الطعام رغم الشعور بالشبع
١- الطعام المغري
هل فكرت يومًا لماذا يحدد أخصائيو التغذية نسبة معينة من الطعام التي يجب أن تضعينها في طبقك، مثل ملعقتين أرز، قطعة لحم وهكذا؟ الأمر كله يعود إلى أننا كبشر لنا نقاط ضعف، ولا خلاف على أن الطعام هو نقطة الضعف المشتركة بين الكثير من البشر. لذا إن كان أمامك طعام مغري بكمية كبيرة وغير محددة، فبلا شك ستتجاهلين إشارات الشبع التي يرسلها لك عقلك.
لذا يفضل دومًا اتباع نصيحة أخصائيو التغذية، ووضع كمية محددة من الطعام في الطبق.
أخصائية التغذية ندى محمد تجيب على أشهر ۱٠ أسئلة شائعة عن الدايت
٢- البحث عن الاجتماعية
في المجتمعات العربية لا ينفصل الطعام عن أية مناسبة، سواء كان زواج، عيد ميلاد، نزهة، حفل تخرج أي كانت. فلابد وأنك ستجدين الجميع يتجمع أمام مائدة الطعام. وهذا يجعلنا نتوقع أنه في حال رفضنا للطعام، أو إنهاء وجبتنا مبكرًا عن الباقية، سنكون بمفردنا بعيدًا عن التجمع، وهو بالتأكيد عكس ما نريد.
في الحقيقة الحل هنا، هو أن نغير من مفهونا الشخصي. فلا يعني عدم التجمع مع الباقية على الطعام أنك ستكونين شخص انطوائي أو أن الجميع سينبذونك. بل يمكنك الانتظار قليلًا حتى ينتهي الجميع من طعامهم، ثم ستتجمعون وتجلسون. أو حتى بإمكانك أن تجلس بالقرب منهم وتشاركهم أحاديثهم خلال الطعام.
٣- عدم الرغبة في إهدار الطعام
هل تتذكرين كلمة والدتك "انهي طبق، بدلًا من أن يفسد". أعتقد أغلبنا قيلت له هذه الجملة. لذا تربينا ونشأنا على أنه يجب علينا انهاء الطبق مهما شعرنا بالشبع، بدلًا من الإلقاء به في المهملات. وهذا يعيدنا للنقطة الأولى، مرة أخرى.
ما دمنا نخاف من اهدار الطعام وتريد توفيره، فيجدر بنا من البداية أن نضع كمية مناسبة في الطبق وإذا أردنا المزيد يمكننا الإضافة بعد ذلك.
٤- التعود!
نعم، نحن نتجاهل ما تخبرنا به أجسامنا مادمنا اعتدنا على شيء. على سبيل المثال، هل اعتدت على تناول الفواكه أو الحلويات بعد الطعام؟! ستجد نفسك يوميًا تفعل الشيء ذاته، حتى وإن كنت تشعر بالشبع. وكأننا هنا نتمسك بالروتين أو الاعتياد بغض النظر عن شعورنا.
لذا علينا أن نستمع أكثر لما تخبرنا به أجسامنا، سواء كان الشعور بالشبع أو الجوع، ولا نتجاهل ما تخبرنا به من أجل الروتين أو أي شيء آخر.
٥- الحالة النفسية وراء تناول الطعام أكثر من اللازم
بالطبع هذا ليس الحال بالنسبة للكثيرين، وربما لا يحدث بشكل مستمر مع الشخص ذاته. ولكن اتفقت العديد من الأبحاث على أن بعض الهرمونات والمواد الكيميائية الطبيعية في الدماغ التي تدخل في إشارات الشبع تؤثر على الحالة المزاجية. لذا إذا كنت تشعر بالملل، الحزن، الخوف، الوحدة، ستجد نفسك أحيانًا تتناول كميات كبيرة من الطعام، رغم أنك تشعر بالشبع. هذا يحدث في الغالب إما لأنك تبحث عن السعادة في تناول الطعام، أو نتيجة لخلل مؤقت في الهرمونات.
لذا إن كنت تمرين بحالة نفسية سيئة، ولا تستطيعين السيطرة على نفسك، فابحثي عن المساعدة، أو ابحثي عن مصدر إلهاء بعيدًا عن الطعام.
اكتشفي كيف تؤثر ألوان الطعام على شهيتك؟
متى يصبع تناول الطعام رغم الشعور بالشبع خطر؟
في الحقيقة كل ما ذكرناه بالأعلى يخص الحالات المؤقتة أو غير المزمنة من الاستمرار في تناول الطعام رغم الشعور بالشبع، ولكن إن كانت هذه الحالة يومية أو مزمنة ولا تستطيعين السيطرة عليها، فهنا في الغالب تكوني مصابة باضطراب الشهية والذي يضم أسفله فرط الشهية، وهذا يحتاج منك إلى طلب المساعدة من الطبيب المختص، وهو بدوره سيضع لك خطة علاجية مناسبة.
أخيرًا، يجب عليك دائمًا تذكر أننا نتناول الطعام فقط لكي نمد أجسامنا بالفيتامينات والعناصر الغذائية اللازمة، والتي تساعدنا على الاستمرار في الحياة وإنجاز مهامنا ونحن بكامل طاقتنا وصحتنا، ولكن عندما يصبح تناول الطعام يعيق حياتك ويعكر صفوها، فهذا مؤشر خطر دومًا.