حكاوي فستاني هي أحدث سلسلة مقالات نتحدث فيها عن مواضيع هامة وحقيقية لا يسلط الضوء عليها بقدر كاف. هذه المواضيع تتحدث فيها كل فتيات فريق فستاني من وجهة نظرها وحياتها.
لست من هواة البكاء على اللبن المسكوب... ما يعني أنني أفضل دوماً النظر للجانب الإيجابي في الأمر، فالفرص الضائعة دوماً يأتي ورائها أخرى أفضل، والأيام السيئة يأتي بعدها أخرى أجمل ولا توجد مشكلة إلا وأن يخلق لها الحل وهكذا. بالطبع هذا لم يكن شيئاً سهلاً بالمرة، بل تدربت عليه لسنوات. لذا عندما جاءت فترة العزل الذاتي، رددت في عقلي جملة واحدة منذ البداية وهي "كل هذا سيمضي، حاولي فقط الاستمتاع والاستفادة منه قدر الإمكان".
ولكن كي أكون صادقة معك، ففي الثلاثة أيام الأولى، لم يكن عقلي قادراً على استيعاب ذلك التغيير المفاجئ بشكل كامل. فمن إيقاع حياة سريع ومنهك، وشعور مزعج بأنني أركض طوال الوقت دون أن أعلم متى سأصل وإلى أي شيء، إلى الوقوف والسكون المفاجئ. حينها تذكرت أنني لست بحاجة للضغط على عقلي حتى يتفهم الأمر، بل يمكنني أن أعرفه عليه بشكل مختلف، مثل المولود الذي نعرفه على حياة جديدة، وهنا كانت بداية الرحلة.
نعم لقد جعلت فترة العزل الذاتي بمثابة رحلة، وضعت جدولاً منظماً لها، ما بين الترفيه والاستكشاف، حتى أنني خلقت أجواء مختلفة للعمل من المنزل ليكون جزء من المتعة. فهذا الكوكب منحنا فترة استراحة لنستعيد قوانا وطاقتنا من جديد، فلماذا لا نستغلها؟
ففي اليوم الرابع من العزل الذاتي استيقظت وقبل أن أبدأ العمل، أخذت ورقة وقلم ودونت أشياء كنت أرغب في تعلمها، لم يكن هناك الكثير في عقلي حينها. ولكن مع مرور الأيام وطول مدة العزل بدأت أضيف لهذه القائمة شيئاً فشيئاً. حتى إنني كل يوم أذهب لسريري وأنا أرغب في ساعات إضافية لتعلم المزيد، فجدولي أصبح مزدحماً ولكن ممتعاً. فاليوم، أستيقظ مبكراً، أبدأ عملي وأواصله بإنتاجية تفوق تلك التي كنت أقدمها في وقت سابق، وأنهيه أيضاً باكراً. فلم أعد أقضي ساعات إضافية لإنجاز أمور يمكن أن أنهيها في وقت أقل بكثير. أمارس الرياضة بحب ودون أن أكون مجبرة عليها، أتعلم لغة جديدة "الإسبانية" ولا أخفي عليك أنه أكثر شيء ممتع، أواصل دروس الرسم التي كنت توقفت عنها منذ عام تقريباً دون سبب، أقضي وقت أطول مع والدتي وشقيقي الذين أستمتع كثيراً برفقتهم، ألعب مع قطتي التي لم أكن أراها سوى ساعات قليلة في نهاية كل يوم، حتى أنه أصبح لدي وقت لأجلس دون هدف وأجعل عقلي يرتاح من كل هذا الضجيج. لقد أصبح لدي حياة مليئة بالتفاصيل، حياة أسير فيها وأنا أعلم جيداً نتيجة كل خطوة. لم يعد يتوجب علي أن أركض وأسابق الوقت دون هدف.
أعلم أن الحرية هي الحياة بذاتها، وأن البقاء بين جدران المنزل ليس الأفضل. ولكن أؤمن أيضاً أننا كبشر نحتاج لصفعة قوية، حتى نستوعب كم الخطأ الذي نرتكبه في حق هذه الحياة. وحرماننا من حريتنا كان هو الصفعة. وإن كان هناك شيئاً واحداً أنا على يقين منه اليوم، هو أنه عندما تعود الأمور لطبيعتها من جديد، لن أجعل حياتي مثلما كانت في السابق، فهذا وعد قطعته على نفسي. فهذه الحياة التي أمتلكها الآن هي ما كنت أبحث عنه منذ سنوات.
أخيراً، هذا الوقت سيمر وكل ما سيتبقى منه مجرد ذكرى، استمتعوا به قدر الإمكان. واخلقوا من صعوبته حياة أخرى جديدة، تستحقونها!
تابعوا #حكاوي_فستاني لأحدث المقالات ولترك اقتراحاتكم...
مصدر الصورة الرئيسية: انستجرام @malloryonthemoon