الذين
يعتقدون أن الشعور بالتحمس والقشعريرة هي واحدة من أساسيات العلاقات العاطفية
السعيدة في الأغلب لا يعرفون ما يتحدثون عنه. دعوني أخبركم أني كنت واحدة من هؤلاء
الأشخاص، ولكن الشهر الماضي قد أثبت أني مخطئة. مخطئة لدرجة لم أتخيلها.
ما مدى الضغط العصبي التي قد تجلبها لك تحضيرات حفل الزفاف؟ حفلات الزفاف هي أمر مبالغ فيه، لذا لماذا عليها أن تسبب لك هذا القدر من الضغط العصبي؟ أو قد يكون الأمر لا يتعلق بحفل الزفاف تحديدا وإنما ما يمثله، وهو بداية جديدة وفصل جديد في حياتك أنت على وشك البدأ فيه.
بالتأكيد فهمتم ما أتحدث عنه، فمن الواضح أني مترددة. بالإضافة لذلك، فقد كانت الفترة الأخيرة صعبة عليّ أنا وفيصل بسبب عدة مناقشات لم نصل فيها لحلول مرضية.
أنا: دينا، أنا لا أعرف إن كان عليّ أن أتزوج أم لا!
دينا: حقا؟! وتقولين هذا قبل حفل زفافك بثلاثة أيام؟
أنا: أنا أنحدث معك لأخرج ما بداخلي، لا تعطيني مواعظ من فضلك.
دينا: حسنا، سأحاول. لماذا تقولين هذا؟
أنا: هناك مواضيع عديدة نختلف عليها وأشعر أني أكتشف عنه أشياء جديدة، أشياء لا تعجبني كثيرا.
دينا: دائما ما ستكتشفين أشياء جديدة عنه. فالإنسان بطبيعته يتغير دائما، لذا فهو لن يظل نفس الشخص ولا أنت أيضا. هل هناك من أسئلة أخرى؟
أنا: توقفي عن التصرف بسخافة، فقلقي مبني على أسباب منطقية.
دينا: إذا تحدثي معه فيها وليس أنا. أنا سأستمع دائما لما تريدين أن تقوليkه وسأكون بجانبك دائما، ولكن إن أردت أن تجدي حلول فيجب أن يكون التواصل من طرفين. كما أن هرموناتي تؤثر بشكل كبير عليّ هذه الأيام وأشعر أن الجنين سيخرج في أي لحظة.
أنا: هل عرفت جنس المولود؟
دينا: لا، أريد أن أتفاجأ. كل ما أتمناه هو إن كات فتاة، أن تصبح مثلك وليس مثلي. لن أتمكن من التعامل معها إن كانت مثلي.
أنا: هاهاها، نعم، فجميعنا نعلم أنك مرهقة جدا في التعامل معك، ولكن في كلتا الحالتين ستكونين أما رائعة. أنا متأكدة من هذا.
بعد التحدث مع دينا، أدركت أنها محقة تماما. وأنه يجب علي أن أتناقش في كل شيء مع فيصل وأرى ما سيحث بدلا من الشعور بصراعات داخلية بمفردي.
قبل يومين من موعد الزفاف، تمكنت أخيرا من جمع شجاعتي لأتصل به. لم أتحدث كثيرا ولكني أصريت أنه علينا التحدث اليوم ضروري. من الواضح أنه قلق كثيرا لدرجة أنه ترك العمل وأتى في الحال.
فيصل: ما الأمر يا لوسي؟ هل أنت بخير؟
أنا: نعم، ولكني فقط أشعر أن هناك أشياء علينا التحدث فيها بما أن حفل الزفاف يوم الجمعة القادم.
فيصل: نتحدث عن ماذا؟ هل تشعرين بالتردد؟
أنا: لست متأكدة ماذا يجب أن أطلق عليه، ولكني لا أظن أن التردد هو التعبير الصحيح. كل ما في الأمر هو أن هناك أشياء أشعر أنه علينا أن نناقشها أولا. فيصل، لماذا تريد أن تتزوجني؟
فيصل: هل اقترب هذا الموعد من الشهر؟
أنا: من فضلك خذ كلامي بمحمل جد.
فيصل: حسنا، حسنا، ولكني كنت أظن أن الإجابة واضحة. ولكن يبدو أنه بحاجة إلى بعض التوضيح. أريد أن أتزوجك لأني أحبك، ونحن متوافقان معا، كما أننا نفهم بعض جيدا.
أنا: لا أعتقد أننا نفهم بعضنا جيدا كما تظن.
فيصل: لماذا تقولين هذا؟
أنا: على سبيل المثال أنت تقوم باتخاذ قرارات بدلا عني، ولكن إن كنت تعرفني جيدا لما كنت ستحدد مسار محدد لحياتي المهنية. لما كنت ستتركني بالساعات أتساءل عن ماذا يدور في عقلك عندما نتشاجر بدلا من التواصل معا. كما أنك لن تتوقع الأسوأ مني كل مرة أشاركك بشيء.
فيصل: واو، هل أنا بهذا السوء؟
أنا: لست أقول هذا.
فيصل: هذا تحديدا ما تقولينه يا لوسي. فكلامك واضحا جدا. والآن السؤال لك عزيزتي، لما تريدين الزواج بي؟ الآن كل ما أراه هو أنك تشككين في الزواج أكثر مما أنت متحمسة له.
أنا: هذا الكلام نابع من غرورك، فأنت تعرف كم أنا أحبك وتعرف أنه طوال الفترة الماضية حينما كنا نمر بكل ما ذكرته، أنا التي في الأغلب كنت أتنازل لأحاول أن أعيد الأمور لطبيعتها بيننا. أنا لست هنا لأشكك في زواجنا بل لأجد حلول لمثل هذه المواقف. لأنه بمجرد أن نتزوج علينا أن نجد طريقة أكثر نضجا للتعامل مع الأوقات الصعبة بيننا.
لم يجيب على هذا الكلام، فاستمريت في التحدث: "ولكن يبدو أنه مرة أخرى غرورك يختار أن يسمع ما يريد فقط. أعتقد أنه هو السبب في المشكلة بيننا. مما يجعلني أفكر أن المشكلة كلها تنحصر في سؤالا واحدا. ما هو الشيء الذي ستضعه أولا بيننا من هذه اللحظة ودائما، هل سيكون قلبك أم غرورك؟"
هو أيضا لم يعطيني إجابة على هذا السؤال وجلسنا في صمت لمدة ثلاث دقائق.
أنا: فيصل؟
فيصل: نعم يا لوسي، لقد سمعت كل ما قلتيه. يبدو أن كلانا بحاجة إلى إعادة التفكير في بعض الأمور.
أنا: ولكني أريد أن تكون بيننا محادثة سوية، بيننا نحن الاثنين وليس حوار من طرف واحد بينك وبين نفسك.
فيصل: أحتاج إلى التفكير يا لوسي، سأتصل بك لاحقا. باي.
بهذه البساطة قام ورحل. شعرت بإحباط شديد في قلبي، فهذه هي أكثر مرة في حياتي أشعر بخيبة أمل. حينها أردت الاتصال بوالداي لأطلب منهم إلغاء حفل الزفاف ولكن كان هناك شعور صغير بداخلي يمنعني.
قضيت اليوم بأكملة غاضبة وقررت أن أنام متجاهلة هاتفي تماما. قلت لنفسي أن غدا يوم جديد، ويمكنني التصرف من هذا المنطلق. الغريب، أني تمكنت من النوم بسلام تام هذه الليلة، واستيقظت في حوالي العاشرة صباحا. لبضعة ثوان كنت متحمسة جدا وسعيدة أني سأتزوج غدا ثم أدركت أن هناك احتمالية كبيرة في عدم حدوث ذلك. سمعت ضوضاء كثيرة في الطابق السفلي، فنزلت لأعرف ماذا تخطط له أمي. كانت المفاجأة أني وجدت أمي تنقل الطاولات مع فيصل من مكان لآخر. وقفت لبضع ثوان وأنا لا أستطيع استيعاب الموقف. هل كان هنا ليقول لهم أننا سننفصل وجها لوجه؟ ولكن إن كان هذا هو الوضع، لماذا يساعدها في نقل الأشياء؟ أم أنه ينتظرني حتى اخبرهم أنا بالمفاجئة؟ يمكنني أن أتظاهر بأني لازلت نائمة، فيضطر هو القيام بتلك المهمة.
فيصل: لوسي، صباح الخير!
تأخرت...
أنا: ماذا؟
أمي: صباح الخير حبيبتي، هل نمت جيدا؟
أنا: نعم، جدا.
فيصل: هل يمكننا التحدث؟ (وصعدنا للطابق العلوي مرة ثانية)
أنا: ماذا تريد أن تقول؟ فأنا صراحة لن أتحدث أكثر مما فعلت أمس، حينها أردت منك أن تظهر لي أنه بإمكاننا التفاهم سويا ولكنك أثبت العكس تماما.
فيصل: نعم، ولكن هذا كان أمس. أنت تعرفين أني لست جيدا في التواصل مع الآخرين. كما أنك تعرفين أني أحب أن أفكر في الأمور جيدا قبل التحدث، وأنت قمت بتسليط الضوء علي.
أنا: وما المشكلة في ذلك؟ كثير من المواقف ستتطلب منك أن تتصرف لحظيا وهذه كانت محادثة هامة جدا بالنسبة لي، ولكنك اخترت أن تهرب.
فيصل: اسمعيني من فضلك، أريد أن أغير هذا الأمر فيّ، لأتمكن من التواصل معك بشكل أفضل. كل ما في الأمر هو أني لم أشعر يوما بالحاجة لأغير نفسي لأجل أحد، والأكثر من ذلك، هو أني لم أحاول من قبل أن أصغر المسافات بيني وبين أحد، ولكن الأمر مختلف معك. أريد هذا معك لأني أتمنى أن نكون الزوجين اللذين يمكنهما تخطي أي صعابات معا مهما كانت. هذا هو مقدار حبي لك.
أنا: حسنا، إن كنت قد قلت هذا أمس، لكنت وافقت أن أتزوجك. هيهيهي
فيصل: هل هذا يعني أنك لن تتزوجيني؟
أنا: استمر في الكلام وقد أغير رأيي.
فيصل: حسنا، هل تعرفين أني لا أؤمن بالكلام الذي يقول أن شخص لا يمكنه العيش دون شخص آخر؟ ولكن عدم وجودك بجانبي يؤثر كثيرا عليّ صحتي.
أنا: استمر في استخدام كلمات عقلانية مثل "يؤثر على صحتي" وسنرى إلى أين سيؤدي هذا.
فيصل: انتظري قليلا لأني حقا أحاول. صراحة أنا لا يمكنني تخيل حياتي دونك. أنت تدخلي عليّ السعادة، الضحك، الاستقرار والحماس. وهل تعلمين؟ أنت أول انسان في حياتي بالكامل الذي أشعر تجاهه بهذا. إذا ماذا تقولين؟
امسكت بيده وضغطت عليها ثم قلت: "أريد هذا أكثر من أي شيء آخر."
الأمر المهم الذي أدركته قبل يوم واحد من حفل زفافي، هو أني كنت خائفة جدا من فكرة الزواج لأني كنت أفهمه بطريقة خاطئة. كنت خائفة أن أتزوج لأني لم أكن متأكدة من قوة العلاقة بيننا وإذا كنت سأكسب منه الأشياء التي أريدها. ولكن ما لم أفكر فيه، هو أنك تحتاج إلى بذل مجهود كبير وإعطائه كثير من الأشياء قبل أن تتوقع شيء منه. أشياء مثل الصداقة، الثقة، التواصل، الاحترام، والترابط. هذا اليوم، وعدت نفسي أني سأتذكر هذا دائما. فالحب هو وعد منك أن تحمي قلب الطرف الآخر بقدر ما تحمي قلبك.
انتظروا مقالتي القادمة، حيث سأخبركم بكل تفاصيل حفل زفافي...