سحر: هل كان يتحتم علينا أن نذهب كلنا إلى المطار في سيارة واحدة؟
عمرو: كنت أريد أن أتأكد من عدم تأخر أحد، فأنا أعلم انكم لا تتحلون بدقة المواعيد.
كنت استمع إلى تذمر سحر وأنا مازلت ناعسة. هل تتذكرون عندما أعلن فريق فستاني بأني سأغيب لبعض الوقت؟ هذا كان بسبب انشغالي الشديد في عملي ثم اضطررنا أن نسافر إلى لندن لنحاول الحصول على صفقة مع ماركة مستحضرات تجميل كبيرة تستعد للدخول إلى الشرق الأوسط، إذا حالفنا الحظ، فهذا سيكون من خلالنا، وهذا كان سبب توتر عمرو لنصل إلى المطار في الموعد. من نحن؟ الأنسة سحر (يعع)، يوسف (العضو المبدع الجديد الذي إلتحق بالفريق)، عمرو (مديري) وأنا. أحسست بصدمة شديدة عندما عرفت أني سأمكث في نفس الغرفة مع سحر طوال الخمسة أيام هناك، ولكننا يجب أن نقتصد في مصاريفنا وعمرو أيضاً كان سيمكث مع يوسف في نفس الغرفة، فلم يكن هناك شيء في وسعي أن أقوله لأعترض.
وصلنا إلى المطار في موعدنا، انهينا كل الإجراءات وبعد ساعة كنا في الطائرة. أصرت سحر أن تجلس بجوار عمرو، فجلست أنا بجوار يوسف، وقد كان إختيار جيد لأني أعلم أن بيلي يغير جداً من سفري مع عمرو، على الرغم من محاولاتي لإقناعه اننا ذاهبين كلنا كفريق وأنه لن يكن هناك وقت فراغ على الإطلاق للإستمتاع هناك، ولكنه عندما يقتنع بشيء، فلن يغيره.
يوسف: هل أنت متحمسة للذهاب إلى لندن مثلي؟
أنا: بالتأكيد، فأخر مرة كنت هناك كنت أبلغ من العمر ٥ سنوات، ولهذا أنا سعيدة جداً.
يوسف: أنا إيضاً، ولكن هذه أول مرة اذهب إلى هناك. يجب أن نتسوق على قدر الإمكان!
هممم، أنا لم أسمع رجل يقول هذا من قبل، سمعت هذه المقولة من دينا وحبيبة، ولكن لم يقولها رجل من قبل.
أنا: هذا إذا كان هناك وقت لكي نتسوق في الأساس. أعتقد أن عمرو ملأ جدول عملنا على آخره.
يوسف: لا تقلقي، فهناك دائماً وقت للتسوق!
أنا: يعجبني تفاؤلك.
بينما كنت أتصفح الأفلام المتاحة في الطائرة وأحاول الإختيار بين الأفلام الرومانسية الموجودة، وجدت يوسف يسألني:
يوسف: ما رأيك، هل أشاهد فيلم ذا أغلي تروث "The Ugly Truth" أم ماي بست فريندز ودينج "My Best Friend's Wedding" ؟
أنا: هل حقاً لديهم فيلم ذا أغلي تروث؟ هذا من أفلامي المفضلة.
هذا جعلني أتساءل، فيوسف يحب التسوق، كثيراً، ولكن هذا ليس كافياً لكي أشكك في ميوله، ولكنه ترك كل أفلام الأكشن والمغامرات الموجودة وكان محتار بين فيلمين من أفلام الرومانسية؟! في كلتا الحالتين، أنا لا اهتم، فهو حر ليفعل ما يشاء، كما أنه يعجبني كثيراً كصديق.
بعد بضع ساعات، والتي شاهدت خلالها فيلمين ونمت ساعة تقريباً، وصلنا إلى لندن، وعندما خرجنا من المطار أحسسنا بطقس لندن البارد.
يوسف: لندن تنادينا، ياهوووو!
أنا: ياهوو!
نظر عمرو وسحر إلى بعضهم بإستغراب شديد لحماستنا الزائدة.
وصلنا إلى الفندق وكان عمرو صارماً جداً في تعليماته بأن نكون في موعدنا على العشاء مع العميل الساعة ٨ مساءً.
يوسف: قلت لك انه سيكون هناك وقت للتسوق.
أنا: حسناً، سأجلب أشيائي ولننطلق، ولكن لنمر أيضاً على معالم المدينة.
سحر: سأذهب معكم أيضاً.
أنا: رائع! (بالطبع قلت هذا بسخرية)
كان امامنا ٥ ساعات لنفعل ما نشاء، فكان خيارنا الأول هو شارع أكسفورد للكثير من التسوق، كنت أنا ويوسف على وفاق تام حتى أنه ساعدني لإختيار قطع جملة لي وأيضاً لبيلي. قلت لكم أنه قد يصبح صديق لي. أما سحر فقد إستغرقت أكثر من نصف ساعة للإختيار بين فستانين كلاهما ضيق ومطاط.
أنا: ألا تملكين خزنتين بالكامل من هذه الفساتين المطاطة الضيقة؟
سحر: لا!
أنا: أراكِ في كل مناسبة ترتدين واحداً منهم.
سحر: هذا النوع يبدو جيداً علي.
أنا: هذا ما تعتقديه أنتِ.
هدف لصالح لوسي! لوسي ١، سحر ٠. ضحك يوسف على تعليقاتي السخيفة المواجهة لسحر، ولكني أعلم أنها ستحاول أن تردها لي قريباً، على الرغم من أنها حولت حياتي في العمل إلى شيء لا يطاق.
يوسف: أريد أن ابتاع حلوة الدونتس من هارودز.
سحر: أكيد بتهزر! أنا لن أمشي كل هذه المسافة بالكعب العالي فقط لأتناول بعد الطعام. لا!
نظر لي بعيون متوسلة، فلم استطع أن أرفض، ولم يكن أمام سحر خيار سوى أن تأتي معنا بعد أن ترتدي حذاء مسطح. إذا كنتم تتساءلون عن الفستان الذي اختارته في النهاية، فبعد نصف ساعة من التفكير قررت أن تشتريهم الأثنين. ألم أقل لكم أنها حكيمة جداً؟
كي لا أطيل عليكم، فقد ذهبنا إلى هارودز ثم رجعنا إلى الفندق، استعدينا للعشاء في موعدنا، وانتظرنا عمرو في البهو حتى لا نكسر ثقته بنا. ذهبنا إلى مطعم فاخر جداً، أعتقد أني رأيت فيكتوريا بكهام، أو إمرأة تشبهها تماماً، ولكني منعت نفسي من التسبب في فضيحة، اهدئي يا لوسي، لن تكون هي! كان العميل وثلاثة أفراد من فريقه ينتظرنا هناك.
عمرو: تعالي اجلسي بجانبي.
أنا: حسناً.
تحدثنا عن العمل لأكثر من ساعتين، في البداية كنت متيقظة تماماً وتحدثت كثيراً، ولكن بعد قليل بدأت أتعب. سحر رأت أنه يكفي أن تجلس وهي تبعث بإشارات مثيرة، فلم تتحدث كثيراً، أما يوسف، فكان رائعاً، كان ظاهر جداً على العميل مدى انبهاره بأفكار يوسف المبدعة والتي تناسبت تماماً مع إتجاه العلامة التجارية. أشرت له بإصبعي لتشجيعه عندما كان الجميع مشغولون بتناول الطعام، فارتسمت على وجهه إبتسامة عريضة.
اشتقت كثيراً إلى بيلي، فاستأذنت وذهبت إلى الحمام لأتصل به.
أنا: هل تشتاق إلي بقدر ما اشتاق إليك؟
بيلي: من يتحدث؟ هاها
أنا: حماتك! من تعتقد؟
بيلي: أنا لدي معجبات في كل مكان.
أنا: إحدى معجباتك من لندن تتصل لتطمئن عليك.
بيلي: للإجابة على سؤالك، لا، أنا اشتاق لك أكثر بكثير منك.
أنا: أووه، أنت جميل جداً!
بيلي: ما الأحوال مع الفريق؟
أنا: لذيذة بحق! أنا ويوسف نتأقلم جيداً مع بعض، عمرو لم أراه كثيراً.
بيلي: وسحر؟
أنا: أنا تعمدت أن لا أذكرها، ففي مخيلتي هي ليس لها وجود من الأساس.
بيلي: من الجيد أنك لم ترين عمرو كثيراً.
أنا: لا يوجد داعي لقلقك، صدقني.
بيلي: كيف يبدو هذا المدعو يوسف؟
أنا: همم، هو ظريف، ذهبت معه لنتسوق ونرتب للذهاب إلى مسرحية موسيقية معاً، ولكن لا تقلق حياله، أنا لا أعتقد أني النوع الذي يفضله.
تحدثنا بضع دقائق أكثر، ثم رجعت إلى طاولتنا، يبدو أنهم خططوا لبعض الأشياء في غيابي. صباح الغد سيكون هناك إجتماع مدته ٦ ساعات (رائع!)، ثم سيأخذونا إلى مكان جلسة تصوير كبيرة لحملتهم الدعائية القادمة وبعد ذلك سيأخذونا إلى مكان "شيق" كما قالت سحر لاحقاً.
خلدت للنوم بمجرد أن رجعنا لأكون متيقظة في الصباح، سمعت سحر تتحدث إلى عمرو على الهاتف تحول إقناعه أن يذهبوا معاً للشراب، لكن يبدو أنه رفض.
ذهبت مع الفريق إلى مكتب العميل مملؤة بالنشاط، كان المكتب خلاب ومبتكر. أخذ يوسف يلتقط الصور ويضعها على إينستاجرام، وكان الجميع سعيد بنشاطه. نسيت أن أقول لكم أن عمرو قام بإتمام الصفقة معهم أمس، وبهذا فهم رسمياً عملائنا. أنا متأكدة أنه سعيد أكثر مننا بكثير، حيث ستعطي هذه الصفقة دفعة كبيرة للشركة في الشرق الأوسط بأكمله.
كنت نشيطة جداً طوال الست ساعات في اجتماعنا، كما كان حال الفريق كله، فكنت أشعر بالفخر بين الحين والأخر! بعد أن انهينا الإجتماع، أخذونا إلى سوق بورتوبيللو حيث كانت تقام جلسة التصوير، هذا المكان جماله لا يوصف وبه روح مرحة جداً، فمبانيه ممتلئة بالألوان الناصعة، ولكنه مزدحم بشدة، حتى أني لم أكن مقتنعة بأنه يمكن عمل جلسة تصوير هنا، ولكن عندما وصلنا إلى المكان بالتحديد، لم أتمالك سوى أن أؤيدهم جداً.
لسببٍ ما قرر كلاً من سحر ويوسف أن يقوموا بتنسيق الملابس مع منسقة الملابس الموجودة بالفعل. يا ***** لماذا تعتقدين أنك ستكونين منسقة ملابس جيدة بحق الجحيم؟ نظرت من بعيد ثم قررت أنه من الأفضل أن اذهب لأتواصل قليلاً مع العميل، وإتضح أنه كان قرار حكيم، سأقول لكم عن السبب لاحقاً. بعد بضع ساعات كانوا قد انهوا التصوير، وقد أقنعهم يوسف أن يصطحبونا إلى مسرحية موسيقية بدلاً من مطعم فاخر، مسرحية ويكيد بالتحديد.
أثر عمرو أن يجلس بجانبي، يبدو أن شعور بيلي بالغيرة كانت عن وجه حق، ولكن قبل أن ارتبط أنا وبيلي، لم يقوم عمرو بأي تلميحات حتى. أنا لا أريد أن استبق الأمور، قد يكون يعتبرني صديقة، وفي تلك الحال ستكون الأمور رائعة. استمتعنا جميعنا بمسرحية ويكيد كثيراً، ثم تعشينا سريعاً، حقاً لم أعتقد أني سأستمتع هكذا، فأنا كنت أعتقد أنه لن يكون هناك وقت للقيام بأي شيء بجانب العمل، ولكن الحمد لله فهذا ليس الحال.
خلد يوسف للنوم مبكراً، ومكثت أنا وسحر وعمرو في البهو قليلاً. "هل لاحظتم كيف يعتني يوسف بنفسه بشكل زائد؟" سألت سحر.
أنا: نعم، ولكن لما تسألين؟
سحر: أنا فقط أتساءل إذا كان شاذاً؟
عمرو: هل تعتقدين ذلك؟ هذا يفسر وضعه لكريم الليل قبل أن ينام!
أنا: حقاً؟ في كل الأحوال أنا لا أعلم ولا يهمني.
سحر: فقط أتساءل.
أنا: عندما أفكر في يوسف، فأنا أفكر في مدى ذكائه وكم هو مبدع، وهذا كل ما يهمني، فأي شيء أخر هو شيء شخصي لا يجب أن نتحدث بشأنه.
عمرو: أنا اتفق مع لوسي، فهو واحد من الأسباب الرئيسية لحصولنا على هذه الصفقة.
ابتسمت له، أنا أعشق كم أن هذا الرجل شخص متفتح، وهذا سر نجاحه على ما أعتقد، الطريقة المميزة التي ينظر بها إلى العالم. بدأت سحر تطلب منه مرة ثانية أن يذهب معها لتناول شراب، وكان يحاول ما في وسعه ليعتذر ولكنه لم يتمكن هذه المرة.
عمرو: تعالي معنا يا لوسي.
أنا: أعتقد أني سأعتذر، احتاج أن أنام وقبل هذا يجب أن اتحدث مع بيلي.
سحر: حسناً، سنذهب نحن.
عمرو: لا لا، يمكنك أن تأتي معنا لبعض لوقت وعندما تريدين الرحيل سنرحل كلنا.
كم كنت سعيدة عندما رأيت الطريقة التي نظرت بها سحر له عندما أصر على ذهابي معهم، لم تصدق ما فعله، ولكن مرة ثانية، تساءلت إذا كان معجباً بي؟ ذهبت معهم لفترة صغيرة ثم استأذنت بحجة أن معدتي تؤلمني وطلبت منهم أن يبقوا بدوني... الحمد لله!
قضينا باقي الوقت في الكثير من العمل، وحاولت قدر استطاعتي أن أكن متيقظة، وأعتقد أني نجحت، وكان من الحين للأخر القليل من الوقت الذي نقضيه لمتعتنا الشخصية. كنت أنا ويوسف على وفاق تام ولهذا كلما كنت أريد القيام بأي شيء للمرح كنت اذهب إليه.
أنا: أعتقد أني يجب أن أجرب السنوغ قبل أن نعود.
يوسف: حسناً أنا معك!
عندما تذوقناه، وجدنا أنه لذيذ جداً، وتمشينا في الشارع نتناوله والإبتسامة تعلو وجوهنا.
أنا: أنت تقوم بعمل رائع، عمرو قال لي أنك أحد الأسباب الرئيسية اننا حصلنا على هذه الصفقة.
يوسف: حقاً؟ هذا كثير جداً علي.
أنا: ها تمثل؟ أنت تعرف أنك مذهل هاهاها
يوسف: هو الواحد مايعرفش يكون متواضع شوية؟
وصلت الرحلة إلى نهايتها وكنت سعيدة جداً لعودتي لأتمكن من رؤية بيلي مرة ثانية، على قدر استمتاعي بلندن حتى أنها على رأس قائمتي لأفضل الأماكن للسفر عل الإطلاق، ولكني كنت سعيدة بعودتي لطقس معتاد مرة ثانية وقبل أن نخرج من المطار للذهاب إلى المنزل، فاجأني عمرو بخبر رائع.
عمرو: كنت أنوي أن أقول لكِ هذا بعد عودتنا إلى المكتب، ولكني لا أطيق الإنتظار كل هذا الوقت لرؤية رد فعلك.
أنا: ما الأمر؟
عمرو: لقد فكرت كثيراً في هذا الأمر وقررت أنك ستكونين المسؤلة عن هذا العميل في لندن.
أنا: إيييييييييه؟ بجد؟؟؟؟
عمرو: بالطبع، ستعملين أنت ويوسف معاً، فأنتم الفريق الأمثل.
أنا: أنت لا تعلم كم أسعدتني الآن.
عمرو: إذاً لنحتفل؟
أنا: بالتأكيد، سأتصل بك صباح الغد لنرتب شيء كلنا.
برافو لوسي، تمكنتِ من تجنب غضب بيلي بطريقة ذكية! سأفتقد لندن كثيراً.....!