مع بداية موسم مسلسلات رمضان2023، شاهدنا جميعًا مسلسل الهرشة السابعة الذي يُلقي الضوء على رحلة الزواج من بدايتها. ومن الحلقات المعروضة إلى الآن، لفتت حياة نادين وآدم (أمينة خليل ومحمد شاهين) الأنظار. نشاهد تسلسل الأحداث في تواريخ بعينها. ويعكس لنا التسلسل الزمني مشاعر معينة مرتبطة بتكوين علاقة الزوجين، منذ بداية زواجهم إلى مرحلة الإنجاب. في البداية، لم يكتمل حمل نادين الأول. وإذا نظرتي حولك، ستجدين على الأقل واحدة من صديقاتك قد مرت بتجربة عدم اكتمال حملها الأول. ثم تُرزق نادين بتوأم. وهذه قصة أخرى…
كيف تتجنبين فقدان استقلاليتك بعد الزواج وماذا تفعلين إذا وقعتي في هذا الخطأ بالفعل؟
قصة مُعتادة جدًا تحدث تقريبًا في معظم البيوت. ولكن، من تكرار القصة واعتيادها، قد يظن البعض أن نادين كشخصية، "أوفر ريتيد". فهي شخصية مبالغة في ردود أفعالها، ودائمة الشكوى. لذلك، أوّد تناول الموضوع من منظورنا كسيدات. ومع أني لم أمر بتجربة الحمل والولادة وتربية الأطفال، إلا أنني أعرف أمهات عديدات يخُضن هذه الدراما اليومية. وأشعر بمعاناتهن.
الاختيار لا يتعارض مع الدعم
صحيح أن الأم تختار الإنجاب بنسبة كبيرة. وتعرف أنها ستخوض رحلة طويلة وشاقة لتدفع ثمن اختيارها. لكن، هل تستحق رفع الدعم عنها لأنها اختارت أن تكون أمًا؟ أراه كمنطق ساذج يعمل على قولبة الأمومة وحصرها في زاوية ضيقة. فالأم تختار أن تكون أمًا، ويشاركها الزوج في اختياره ليكون أبًا كذلك. المسئولية المشتركة هي الدافع خلف قرار الإنجاب. شخصان بالغان قررا أن يُنجبا طفلًا. ماذا بعد؟ ما هو الدور الذي سيقوم به كلًا منهما بشكل ثابت كل يوم؟ وما الدعم المقبول من أطراف خارجية كوالدة نادين في مقابل الدعم الواجب على الزوج نفسه؟
أولويات
يعاني آدم في العمل. ويشعر بمسؤولية كبيرة ألقيت على عاتقه. لا نستطيع إنكار هذه الحقيقة، فالأب هنا مسؤول عن كسب المال الكافي لحياة الأسرة وهي مسؤولية كبيرة برغم عاديتها كالأمومة. لكن دوره كأب وزوج داعم لا يمكن تجاهله. يُقدم آدم نموذج موجود نراه حولنا. فهو ليس شخصًا سيئًا إلى الدرجة التي تدفعك لكرهه واتهامه بالتقصير الكامل. لكنه ليس موجودًا كما يجب. وقد لا يفهم الرجال هذا المنطق، لكنها مسألة أولويات. اخترت أن تكون زوجًا، تأتي بالتوازي مع دورك اللازم لاستمرار هذا الزواج، ودورك كأب موجود من أجل أبنائه.
دور الزوج
مخرجة ومونتيرة ومديرة تصوير... تعرّفي على مشوارهن ورحلتهن المُلهمة في شهر المرأة
دورك كزوج أن تكون موجودًا بجانب زوجتك في نفس المكانة. فإذا كنت موجودًا وشاهدًا على معاناتها. لماذا لا تفهمها؟ وإذا فهمتها، ماذا تنتظر لدعمها وأن تكون موجودًا من أجلها؟ تدعمها بالكلمة الطيبة، وبالتقدير للتعب الذي تمر به. جميعنا نعرف أن الأمهات يحملن، ويخضن تجربة الولادة، ومن بعدها الرضاعة والعناية الكاملة خاصة في أول عامين. اختارت الأم هذا كله، لكن لا يتنافى هذا الاختيار مع حاجتها لدعمك كزوج. الدعم النفسي الكامل الذي يؤكد على شعورك بما تمر به وما تعانيه يوميًا من أجل تربية الأولاد والاعتناء بهم. والتقدير لاستمرارها في تقديم دورها كأم رغم الصعوبات التي تواجهها. فهي تواصل تقديم الأولوية للأبناء بلا انقطاع وهذا طبيعي، لكنه ما زال يستحق الدعم لأنها إنسان يدخل في اكتئاب وفي أزمات نفسية عنيفة. صحيح بسبب اختيارها، لكن وجود الزوج مُفترض أن يهوّن الصعاب ويُخفف من المشقة.
دور الأب
صحيح أن الأم تعرف أكثر عن أبناءها، وتُطالَب بدور أكبر في حياتهم. ولكنه في معظم الحالات يتطور الأمر إلى شعور الزوج بأن دوره اختياريًا. صحيح أنهم أطفالي، لكنني لن أعرف عنهم ما يؤهلني للعناية الكاملة بهم في غياب الأم. وصحيح أنني أعرض المساعدة، ولكن المساعدة في جوهرها تعني أنه اعتراف ضمني منك بأنه ليس دورك _فأنت تُساعد فقط_. وصحيح أنك تحاول تعلُّم ما عليك القيام به، لكنك تفعله بشعور مُسبق بأنك تقوم بما لا يقوم به آباء آخرون من حولك. في مشهد أول خناقة بين نادين وآدم حول شعورها الدائم بالإرهاق وبأنها ترغب فقط بأن تستحم، طلب منها آدم تحديد ما تريد وأخبرته بأن يشاركها في تحميم أولادهم. وافق آدم، ولكنه في نفس الوقت أخبرها بأنه كلما يحاول أن يفعل شيئًا يفعله بطريقة خاطئة، لذلك، توقف عن الفعل.
التواصل
هناك فجوة كبيرة في التواصل بين آدم ونادين. كلًا منهما يرى أن الآخر لا يشعر بمعاناته. آدم مضغوط من شعوره بالاضطرار للعمل في مكان لا يُقدّره. ونادين مضغوطة لغياب آدم وبالتالي عدم شعوره بالأحداث التي مرت بها خلال اليوم مع أطفالهم. لكن محاولات التواصل بينهم دائمًا ما تكون في شكل انفجار أو في شكل صمت. وكلاهما مُضّر.
إذا تراكمت الأفعال الصغيرة والخناقات العادية، ستتحول بالوقت إلى إنفجار كبير لن يفهمه الطرف الآخر. وسيظن أن هناك مبالغة في إظهار المعاناة لأنه لا يعلم بدايتها. ولم تُثمر كل خناقة عادية عن اتفاقية مُحددة تؤكد على دور محدد يجب القيام به. احتوى آدم نادين في هذه اللحظة بالذات، لكنها ستتكرر إذا لم يتم الاتفاق بوضوح على شكل الأدوار بينهم وطبيعة علاقتهم بنفسهم وبأطفالهم. بنفس المنطق، سكت آدم عن حقه في مشهد ملعب البادال، حين قرر بداية مشروعه الخاص، وأحبطته نادين بمنطق العمل الثابت والدخل المضمون. فإذا تراكم الصمت في لحظات مُماثلة، سينتهي بهم الأمر إلى الفشل في الزواج نفسه.
نفسية الأم
تمر الزوجة بتغيرات جسدية ونفسية عنيفة خلال مرحلة الحمل والولادة. وقد تكون هذه التغيرات هي عدوها الأول ضد نفسها. فهي تشعر بالتقصير حتى لأسباب خارجة عن إرادتها. وإذا كانت تجربة الحمل صعبة أو غير مكتملة كحمل نادين الأول، فإنها تحتاج دعمًا كاملًا للخروج من التجربة بصحة نفسية سويّة. وإذا اكتمل الحمل، تجد نفسها مسؤولة بشكل كامل عن روح أخرى بالإضافة لتعبها الجسدي والنفسي الذي لم تُعالجه بعد. أبسط الأمور اليومية التي اعتادت القيام بها، أصبحت بعيدة المنال. أربعة وعشرون ساعة من الجري. وأربعة وعشرون ساعة من الشعور المستمر بالتقصير. تغييرات كاملة في شكل الحياة وفي طبيعتها. وتأثُّر علاقتها مع زوجها وشعورها أيضًا بالتقصير في حقه.
أشكال الدعم
تتعدد أشكال الدعم بحسب شخصية وظروف كل أم لكن هناك بديهيات. فإذا علمت أن زوجتي لا تنام ولا تجد الوقت لتستحم كما حدث مع نادين. بديهي أن أحتوي الموقف أولًا، ثم نتفق معًا على حل دائم للمشكلة. قد يتمثّل الحل في تحديد نصف ساعة يومية للعناية بالأطفال لتستطيع هي بدورها الاعتناء بنفسها في ذلك الوقت مثلًا. وإذا علمت أن هناك مشكلة تستدعي وجود أم نادين لمساعدتها، قد يتمثل الدعم فقط في محاولة الفهم. ما هو دورها بالتحديد؟ هل تنتهي المشكلة إذا خصصت وقت يومي للمساعدة أم أن الأمر أكبر من ذلك؟ وإذا كان الأمر أكبر من قدرتي كزوج على احتوائها لوجود توأم، ما هي القواعد التي سنضعها معًا كزوج وزجة لتجنب الخلافات في وجود والدة نادين؟ وما هي الحدود المسموحة لها ولنا؟ كل هذه التفاصيل الصغيرة هي أساس العلاقة. وإذا حدث أي خلاف أو حدث غير متوقع، أول رد فعل هو مفتاحك للوصول إلى المشكلة وحلها معًا. فإذا كان رد الفعل الأول هو الغضب أو الاستنكار، هناك مشكلة. الغضب لأن الزوجة تشعر بالضغط، أو لأنها لا تهتم، أو لأنها كثيرة الشكوى، أو لأنها لا تعطيني الاهتمام الكافي وهكذا… حاول الفهم أولًا. اسأل عن دورك إذا لم تكن تعرفه. اتفقوا معًا على مهام واضحة لتكون مسؤولية كل طرف. اتفقوا على إعادة تقييم المسؤوليات كل فترة. انظروا للصورة الأكبر وقدّموا النية الحسنة.
١٩ علامة تجارية ستُغيّر مظهرك بالكامل في رمضان 2023
في النهاية، الزواج والإنجاب رحلة صعبة. كأب وأم، عليكما معرفة ذلك. والغرض من تناول الموضوع ليس المبالغة في احتياج كل طرف دونًا عن الآخر. لكنه محاولة لتسليط الضوء على التفاصيل غير المرئية التي تؤدي إلى مشاكل أكبر.